توقع خبراء ومتخصصون أن يُلقي الزلزال المُدمّر الذي ضرب شرق المتوسط وتأثرت به تركيا وسوريا بشكل فداح، بتداعياته على سوق العقارات بالمنطقة خلال الفترة المقبلة، إذ ستكون هناك "اعتبارات نفسية" ستحسم قرار شراء الوحدات العقارية.
وحوّل الزلزال الذي وصُف بأنه الأشد منذ عقود، آلاف البيوت والمباني في تركيا وسوريا إلى ركام من الأنقاض، في الوقت الذي خلّف ما يزيد عن 11 ألف قتيل في البلدين.
وأثار هذا الزلزال حديثا في عدد من دول الشرق الأوسط بشأن مراجعة تقنيات وأكواد البناء للمباني والمنشآت بما يتماشى مع الهزات الأرضية المتكررة وتجنبا لكوارث مستقبلية.
بيد أن وقائع سابقة تُشير إلى تأثر سوق العقارات بما تشهده بعض المناطق من هزات أرضية. فبعدما ضرب زلزال تبلغ قوته 6.4 درجة بلدة في زغرب الكرواتية، وبات هناك الكثير من الأشخاص تحت الأنقاض بالعام 2020، انخفض عدد العقارات المباعة في وسط مدينة زغرب وخاصة في المنطقة المحيطة بالحادث والتي كانت تضم أعلى كثافة للعقارات، إلى أكثر من النصف في الأشهر التالية، كما بات شراء العقارات أكثر تعقيدًا.
وشعر سكان زغرب بالزلزال على بعد حوالي 50 كيلومترا، حيث هرعوا مذعورين إلى الشوارع، وفق ما ذكرت وكالة "فرانس برس" حينها، والذي أسفر عن مقتل 7 أشخاص وعشرات الإصابات.
ولم يكن هذا التأثير وحده فحسب، بل أظهرت المؤشرات أن أسعار الإيجار في وسط مدينة زغرب انخفضت مقارنة بأجزاء أخرى من المدينة.
ويرى المحلل المالي والاقتصادي، أحمد عز، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية "، أن الفترة الراهنة تشهد هزات أرضية متكررة، وهذا سيؤثر بالتأكيد على نشاط سوق العقارات بداية في المناطق المجاورة للمدن المتأثرة بالزلزال، ثم تباعا في الدولة بشكل أشمل.
وبشأن تفاصيل هذا التأثير، أوضح "عز":
الزلازل متكررة الحدوث في مناطق معينة حول العالم، وبالتالي التأثير سيكون محصورًا في تلك المناطق دون غيرها
هذا يؤثر على سوق العقارات بالفعل في مناطق الزلازل، لكن ليس معنى وجود عدد كبير من الطوابق للمبنى الواحد بوجود فرصة لسقوطه بالمقارنة بعقار من طابقين فقط، لأنه هندسيا هناك العديد من الأمور التي تحمي من الزلازل ليس لها علاقة بارتفاع المبنى بل بتطبيق الاشتراطات اللازمة للبناء
هناك دول ومناطق في العالم تشهد زلازل متكررة وبالتالي لن تجد إقبالا ملحوظا عليها وهذا يؤثر على مبيعات العقارات بالنسبة للمستثمرين الأجانب القادمين لبعض الدول.
المطورون العقاريون في شرق المتوسط الذين يشيدون الأبراج حال تنفيذهم للاشتراطات الوقائية من الزلازل سيؤثر ذلك إيجابيا على المبيعات، وهذا يقوم على تنفيذ المباني المستدامة، لكن عامل الآمان سيكون مهما مطلوبا في المنتج العقاري ويساهم في حركة البيع والترويج.
كلما تمكن المطور العقاري من الحصول على شهادات تثبت أمان المبنى وسلامته كلما تمكن من زيادة فرص البيع.
رغم كل ذلك، فالمواطنين في الشراء يعتمدون بدرجة كبيرة على العامل النفسي وفي بعض الأوقات عدم المعرفة بكون الأبراج الطويلة قد تكون أكثر أمانا من البيوت بطوابق محدودة حال تطبيق الاشتراطات اللازمة للبناء
هنا يأتي دور الشركات في تنفيذ حملات توعية لتنشيط مبيعات العقارات وعرض المزايا وعلى رأسها عامل الأمان.
أسواق أكثر أمانا
من جانبه، يرى نائب رئيس مجلس إدارة شركة "جميرا إيجبت" للاستثمار العقاري، طارق عيد، إن الزلازل بالفعل سيكون لها تأثير في المدى القريب على حركة المبيعات خاصة في مناطق "حزام الزلازل" أي التي تشهد هزات أرضية متكررة على مدى زمني قريب.
لكن "عيد" يعتقد أنه هذا الأمر سيتلاشى على المدى المتوسط والبعيد، ومع ذلك يعتقد أن حركة البيع في السوق التركي ستشهد تراجعًا بعد تكرار الزلازل القوية في العديد من المدن بها.
وقال في تصريحات لسكاي نيوز عربية: "هناك أسواق قوية في العقارات ستتأثر وعلى رأسها تركيا، وبالتالي سيتم الاتجاه لدول أكثر أمانا بالنسبة للمستثمرين الأجانب مثل السوق الإماراتي على سبيل المثال".
وتابع: "في مصر أيضا العديد من الأبراج العملاقة بمدينة العلمين الجديدة أو العاصمة الإدارية، ووفقًا للأكواد الأخيرة فهذه الأبراج تتحمل الزلازل حتى 7.5 درجة على مقياس ريختر، وهي حسابات مقعدة تقوم بها شركات استشارية عالمية ومراكز بحوث البناء وفق الأحمال".
وبشكل عام، يشدد "عيد" على أن عامل الوقت سيكون مهما لتجاوز آثار الحوادث الأخيرة بالنسبة لسوق العقارات.