الأب رفيق جريش
يزدحم التليفزيون والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعى بإعلانات جميلة وبراقة وغالية الثمن تحث المشاهد مستخدمة صورا وقصصا مأساوية عن مرضى أو فقراء تحت المطر أو جياع يحتاجون إلى الطعام وتحث المشاهدين حثاً حثيثاً بتكرار الإعلانات طوال اليوم، خاصة فى ساعات ذروة المشاهدة للتبرع لتلك الجمعية الخيرية أو تلك التى تقوم بتوصيل الخدمات للمحتاجين أو التبرع لمستشفى للأطفال أو مرضى السرطان وما إلى ذلك، وبالقطع تزيد وتيرة الإعلانات مع المناسبات مثل شهر رمضان وعيد الأضحى ونحن نشكر هذه الجمعيات على خدماتها الجليلة للمجتمع.
لا بأس أن يتم رفع الوعى الفردى والجماعى للنظر نحو «أخواتنا الأصاغر» الذين يعيشون مآسى إنسانية، فالتضامن الأخوى هو واجب لكل مواطن نحو أخيه الإنسان وواجب كل مصرى نحو أخيه المصرى المحتاج، ولكن ما أجده غريباً هو استخدام الدين الإسلامى وعلماء الأزهر الشريف لحث الناس على التبرع سواء بالزكاة أو الصدقة الجارية، دون النظر إلى أن هناك مواطنين آخرين يستطيعون مع بعض الوعى المشاركة والمساهمة والتبرع، فإذا كان للمسلمين واجب الزكاة فى الإسلام كفعل إيمانى، كذلك العشور أى دفع 10% من الدخل الصافى للمسيحيين هو أيضاً واجب إيمانى، لا سيما أن الفقر والعوز والشتاء القارس والمرض العضال لا يفرق بين المسلم والمسيحى ويطول الجميع.
لا ننكر أن هناك مسيحيين يتبرعون لمستشفى مثل 57357 أو لمستشفيات الدكتور مجدى يعقوب وغيرها من المؤسسات، ولكن العمل المشترك من أجل الوطن ومواطنيه هو قمة المواطنة، بل المواطنة العملية بعيداً عن «التفرقة» الدينية سواء من المعطين أو المستفيدين.
وأسأل: ماذا سيكون الوضع لو قامت جمعية خيرية مسيحية هى الأخرى بإنتاج إعلانات براقة وتستجلب القساوسة لحث الناس على دفع العشور؟ الإجابة، سنكون قد تسببنا بانقسام المجتمع رغم إيجابية الهدف ورغم أننا فى أشد الاحتياج أن نلحم اللحُمة خاصة أن الدولة تسير وتنتهج هذا المنهج وهو رفع قيمة المواطنة.
العمل المشترك تجاه «الأصاغر» هو حوار حياتى فعلى يفوق عمل كثير من لجان الحوار المسيحى- الإسلامى، وحث الناس، كل الناس، على التبرع لمشاريع خيرية دون النظر لا لدين الجمعية الخيرية ولا لدين المتلقى ولا لدين المستفيد سيرسخ دولة المواطنة وقيمة المواطنة كقيمة معاشة على أرض الواقع دون فرز أو تمييز.
نقلا عن المصرى اليوم