شهد العام الماضي تدفقات قياسية يابانية خارجة من السندات الأجنبية

 
بغض النظر عمن يجلس على كرسي حاكم بنك اليابان، فإن القلق الأكبر لدى مستثمري السندات العالميين، هو موجة من السيولة اليابانية تتجه إلى الوطن، والتي بدأت بالفعل بجدية ويبدو من غير المرجح أن تتوقف.
 
ومع تفجير مفاجأة يوم الجمعة عن المرشح المقبل لمنصب حاكم بنك اليابان الجديد، ارتفع الين وكذلك عائدات السندات المحلية، مع ترجيحات بأن يكون الاقتصادي، كازو أويدا المرشح الأقرب للمنصب، لتنطلق عمليات البحث بين متداولي السندات العالمية عن سياسته المالية (متشدد أم مسالم؟!).
 
وبعيداً عن المفاجآت المتعلقة بالعوائد التي قد يشعلها أي تحول سياسي متشدد قريباً، فإن البيع المستمر للسندات الخارجية لصالح البدائل المحلية من قبل المستثمرين اليابانيين هو بالفعل حقيقة ثابتة في السوق، وفقاً لما أفادت به وكالة "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية.نت".
 
في العام الماضي أفرغ مستثمرو السندات اليابانيون 181 مليار دولار من الديون الخارجية وضخوا 30.3 تريليون ين (231 مليار دولار) في سوق السندات الحكومية المحلية، وفقاً لأحدث بيانات وزارة المالية ورابطة تجار الأوراق المالية اليابانية. ولكن السبب وراء مخاوف المستثمرين العالميين في السندات يأتي مدفوعاً بحال قام "أويدا" بالفعل بإزالة سقف بنك اليابان على العائدات، مع وجود أكثر من تريليوني دولار استثمرها اليابانيون في السندات الخارجية ويمكن بيعها.
 
من جانبه، كتب المحلل في "جي بي مورغان"، بنجامين شاتيل في مذكرة حديثة: "توقعاتنا تفيد بحدوث تحول مستمر في تدفقات المحافظ اليابانية هذا العام من الديون الخارجية إلى الديون المحلية". "نعتقد أن هذا التحول مدفوع جزئياً برأي مفاده أن الارتفاع المستمر في الأسعار والأجور سيوفر مزيداً من الاسترخاء لسياسة التحكم في منحنى العائد وتسامح أكبر لدى بنك اليابان مع ارتفاع العائد المحلي".
 
يأتي ذلك، فيما سجل المستثمرون اليابانيون صافي بيع حوالي 70% من 20 سوقاً عالمية رئيسية للدخل الثابت حتى أواخر عام 2022، وفقاً لشاتيل، مع أكبر تدفقات خارجية في أوروبا وأستراليا.
 
اكتسبت فرصة ارتفاع العائدات اليابانية التي تسببت في انتشار مزعزع للاستقرار في أسواق الديون العالمية زخماً في ديسمبر، عندما أدى تعديل بسيط في سقف العائد من جانب بنك اليابان لمؤشر 10 سنوات إلى انخفاض سندات الخزانة وانتقل بعدها إلى كل شيء من العقود الآجلة للأسهم الأميركية إلى الدولار الأسترالي والذهب.
 
ويمتلك المستثمرون اليابانيون أكثر من تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية ومبالغ كبيرة من السندات في هولندا وفرنسا وأستراليا والمملكة المتحدة.
 
وستجعل هذه المخاوف مستثمري السندات العالميين يراقبون الترشيح الرسمي يوم الثلاثاء ليحل محل الحاكم هاروهيكو كورودا. لكن أولئك القلقين من أن الإدارة الجديدة يمكن أن تكون حافزاً لمزيد من التدفقات اليابانية من الأصول الخارجية لديهم سبب للخوف، بغض النظر عما إذا كان "أويدا"، متشدداً أم متساهلا.
 
وذكرت "بلومبرغ"، أنه إذا غير "أويدا" السياسة ودفعت عائدات اليابان إلى الأعلى، فمن المؤكد أن جاذبيتها النسبية المتزايدة ستغري شركات التأمين العملاقة في البلاد وصناديق المعاشات التقاعدية لتسريع عودة الأموال النقدية إلى الوطن. ولكن حتى لو أبقى تغييرات السياسة عند الحد الأدنى، فمن المرجح أن يجدد هذا ضغط العام الماضي على الين ويغذي تكاليف التحوط المرهقة، وهو محفز رئيسي آخر لتدفقات السندات اليابانية الخارجية في العام الماضي.
 
ومع استمرار ارتفاع هذه التكاليف، حتى عائد اليابان لمدة 10 سنوات المحدد بشكل مصطنع والبالغ 0.5% يكون أكثر جاذبية لمدير صندوق محلي مقارنة بعائد التحوط بنسبة 1.3% لـ "الين" الذي سيحصلون عليه من سندات الخزانة المكافئة.
 
بدوره، قال محلل استراتيجي في شركة "Asymmetric Advisors" في سنغافورة، أمير أنفارزاده، والذي تابع الأسواق اليابانية على مدى 3 عقود: "عندما تخلوا عن الأسعار أخيراً، يمكن للمؤسسات المحلية في اليابان التي كانت تنتظر عوائد أعلى أن تنقض على سندات الحكومة اليابانية".
 
يأتي التدقيق المشدد على الخطط الاستثمارية لبعض أكبر مستثمري الدخل الثابت في العالم في وقت عادت فيه سوق السندات العالمية إلى الضغط. وبدأت العائدات في الارتفاع مرة أخرى مع ارتفاع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية على خلفية بيانات التوظيف القوية والمخاوف من عدم زوال التضخم بسرعة.
 
ووفقاً لـ الاستراتيجي في "Vanda Research" في لندن، فيراج باتيل، يمكن لسوق السندات العالمية على الأرجح أن تصمد أمام تعديل آخر لسياسة بنك اليابان، لكن ارتفاع التضخم في اليابان يزيد من احتمالية الخروج المفاجئ وغير المنتظم من التحكم في منحنى العائد.
 
وقال: "بنك اليابان على وشك ارتكاب نفس خطأ سياسة" التضخم المؤقت "الذي ارتكبه الاحتياطي الفيدرالي قبل 12 شهراً". "نحن نعد لتطبيع السياسة اليابانية الذي سيحدث عاجلاً وليس آجلاً - وهناك فرصة لا يمكن الاستهانة بها لحدوث ذلك قبل اجتماع بنك اليابان في أبريل".