القمص يوحنا نصيف
في حديث السيّد المسيح مع الجموع ضرب مثَلاً هامًّا، عندما قال:
 "لِمَاذَا لَا تَحْكُمُونَ بِٱلْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟ حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى ٱلْحَاكِمِ، ٱبْذُلِ ٱلْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي ٱلطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، لِئَلَّا يَجُرَّكَ إِلَى ٱلْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ ٱلْقَاضِي إِلَى ٱلْحَاكِمِ، فَيُلْقِيَكَ ٱلْحَاكِمُ فِي ٱلسِّجْنِ. أَقُولُ لَكَ: لَا تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ ٱلْفَلْسَ ٱلْأَخِيرَ" (لو12: 57-59)
 
 يشرح لنا القدّيس كيرلّس السكندري هذا المَثَل بطريقة جميلة ومُرَكّزة، فيقول:
+ ربّما يتخيّل البعض أنّ معنى هذا النصّ عسير الفهم، لكنّه سيصير سهلاً جدًّا لو فحصنا هذا التشبيه بما يحدث بيننا.
 + هو يقول: لنفترض أنّ أحدهم قدّم ضدّك شكوى أمّام أحد المسؤولين إلى المحكمة، وجعلك تؤخَذ إلى هناك. لذلك بينما أنت "في الطريق" أي قبل أن تَصِل إلى القاضي "اجتهد" أي لا تملّ من استخدام كلّ جهدك حتّى تتخلّص منه، وإلاّ سيسلّمك للقاضي، وآنذاك عندما يَثبُت أنّك مَدين له، فإنّك ستُسَلَّم إلى الحاكم، الحاكم سيُلقي بك في السجن، حتّى توفي الفِلس الأخير.
 
 + نحن كلّنا بلا استثناء، الذين على الأرض، مُدانون بالآثام. والذي له قضيّة ضدّنا ويلومنا هو الشيطان الخبيث، لأنّه هو "العدو والمنتقم" (مز8: 2).
 + لذلك بينما نحن في الطريق، أي لم نَصِل بعد إلى نهاية حياتنا هنا (على الأرض)، لنُخَلِّص نفوسنا منه، لنتخلّص من الخطايا التي نحن قد أذنبنا بها. فلنُغلِق فمه، ولنتمسّك بالنعمة، أي بالمسيح؛ هذه التي تُحرِّرنا من كلّ دَين وعقوبة، وتُخَلِّصنا من الخوف والعذاب، لئلاّ إن لم نتطهَّر من دنسنا، فإنّنا نقف أمام القاضي، ونُسَلَّم إلى الحاكم، أي المُعَذِّبين الذين لا يمكن لأحد أن يفلِت من قساوتهم..!
 
 [عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 95) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]