إعداد / ماجد كامل 
يعتبر  الدكتور وهيب جورجي كامل ( 1922- 2002 ) واحدا من  أهم الأساتذة الذين لعبوا دورا كبيرا ومؤثرا في تطوير مناهج الكلية الإكليركية  خصوصا  في مادة العهد القديم ؛ فهو صاحب واحد من أهم  الكتب التي تناولت مقدمات أسفار العهد القديم بالكامل كما سوف نري في ذلك المقال . أما عن وهيب جورجي نفسه ؛فهو حسب ما جاء في دراسة الدكتور القس باسيليوس صبحي عنه في كتاب " الإكليركية في 125 عاما " ولد في 17 أبريل 1922 بمدينة جرجا محافظة سوهاج ؛ وبعد إتمام دراسته  الثانوية ؛ألتحق بالكلية الإكليركية بالقسم النهاري في عام 1940 ؛ وتخرج فيها عام 1943 ( كان معه في نفس الدفعة المتنيح الأنبا باسيليوس مطران القدس ) . ثم سافر إلي السودان  بعدها عام 1946 ؛ ليعمل مدرسا للدين بالكلية القبطية  بالخرطوم ؛ فبدأ خدمته  في بلاد السودان غربا  وشرقا ؛ وهناك تقابل مع المستر جيمس روبرتسون السكرتير الإداري لحكومة  السودان ؛ فأقترح عليه تأسيس إرسالية قبطية للبشارة  هناك ؛ فوافق علي الفور وقال له " إن حكومة  السودان تشجع كل نشاط من شأنه التقدم  بالشعب السوداني " . 
 
وفور  عودته الي مصر ؛ قدم إقتراحا إلي المسئولين بالكنيسة بتأسيس إرسالية قبطية للكرازة والخدمة بجنوب السودان ؛ وعلي أثر ذلك أعترف مجلس الكلية الإكليركية  ؛ وقام بتأسيس "قسم الإرساليات " عام 1952 ؛ وأسند رئاسة القسم إلي العالم الكبير الدكتور "مراد كامل "  (  1907- 1975   ) . 
وفور عودته الي مصر  عمل مدرسا للدين  المسيحي بمدارس الإيمان القبطية  بشبرا ؛ وبدءا من أكتوبر 1948 ؛ عمل أمينا لمكتبة الكلية الإكليركية ؛ حيث قام بجهد كبير في تنظيمها وفهرستها ؛ فلقد قام بعمل هام وهو عمل بيبلوجرافيا كاملة ودقيقة لكل كتابات أساتذة وعلماء الإكليركية الراحلين ؛ وذلك لتوثيق جهدهم وحفظه للأجيال القادمة ؛ خوفا  من أن تضيع أو تنسي كما ضاعت  أمور كثيرة . ونشر جزء من هذه البيبلوجرافيا في كتابه الهام والشهير "حرب مع الدكاترة أو كرامتك أيها الإكليركي " ولقد أشاد   فيه بجهد الشماس الإكلريكي " لبيب قوسة " في إعداد فهارس المكتبة  لأساتذة الكلية الإكليركية  . وفي عام 1948 كلف بالعمل كسكرتير بالكلية الإكلريكية .   
 
 ولقد وافق قداسة البابا كيرلس السادس علي   التزكية المقدمة  من د . وهيب عطا  الله جرجس ( المتنيح الأنبا غريغوريوس فيما بعد )  . للدراسة في الخارج بجامعة ستراسبورج بفرنسا ؛  فقام بالبعثة وعاد منها ظافرا بدرجة الدكتوراة في العلوم اللاهوتية  عام 1963 . 
و لقد كان للدكتور وهيب جورجي جهود كثيرة في مجال الخدمة الإجتماعية ؛ حيث قام في  شهر مارس 1952 بالتعاون  مع  فؤاد باسيلي ( المتنيح القمص بولس باسيلي فيما بعد ) علي تأسيس جمعية "  أبناء الإكليركية " لتكون رابطة تجمع الكهنة والوعاظ ومدرسي الدين  من خريجي الإكليركية ؛ وللعمل علي تأسيس ما عرف " بيت حبيب جرجس التذكاري " . وبالفعل وافق المتنيح قداسة البابا يوساب الثاني  علي المشروع وقدم طرس البركة لتأسيس هذا العمل  في 8 مارس 1952 .
 
كما  أسس  في عام 1976 رابطة خريجي الإكليركية للأقباط الأرثوذكس ؛ بهدف تقديم المساعدات المادية والمعنوية لأرامل وأولاد الخريجين الذين رقدوا في الرب ؛ بالأضافة إلي نشر المحاضرات والندوات الثقافية و عمل الدورات التدريبية لهؤلاء الخريجين  . 
 
و بعد حصوله علي الدكتوراة عام 1963 ؛ طلبه المتنيح الأنبا باسيليوس  مطران القدس ( زميله في الدرسة بالكلية ) للخدمة معه هناك ؛ حيث شغل منصب مدير الكلية القبطية بالقدس ؛ وظل يخدم في هذا المجال حتي العدوان الثلاثي علي مصر عام 1967 ؛ فأضطر للعودة  إلي مصر .و عاد إلي عمله بالإكليركية  ؛ وظل يعمل بها حتي تنيح بسلام في 17 فبراير 2002 ؛ وقام بالصلاة  علي  جثمانه الطاهر المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث ( لمزيد من الشرح والتوضيح  راجع :- القس باسيليوس صبحي :- الكلية الإكليركية في 125 عاما ؛ الكلية الإكليركية للأقباط الأرثوذكس ؛ يوليو 2020 ؛ الصفحات من 371- 376 ) .
 
ولقد أثري العالم الجليل المكتبة اللاهوتية بالعديد والعديد من الكتب والمذكرات  القيمة نذكر منها  في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :- 
1-العداء بين الجماعات والشعوب  L Aggressive Des Groupes ؛ وهو  علي الأرجح رسالة الدكتوراة الخاصة به .
2- مقدمات العهد القديم  مع مناقشة الأعتراضات ؛ ولقد صدر كمذكرات دراسية في نوفمبر 1948 ؛ ثم طبع ككتابل  للمرة الأولي عام 1985  ؛  عن طريق أسقفية الشباب ؛ مع مقدمة هامة لنيافة الحبر الجليل الأنبا موسي ( سوف يكون لنا معه وقفة مختصرة بعد الانتهاء من عرض قائمة كتبه ) .
3- دراسة موضوعية في مادة توحيد الأديان وفلسفتها .
4-الكتاب المقدس  والعقيدة  مع مناقشة مدارس التشكيك ؛ وهو في الأصل محاضرة ألقيت بدير سيدة الحقلة ببيروت عام 1969 ؛ وقام بنشرها علي حلقتبن في مجلة مارجرجس عدد شهري نوفمبر وديسمبر 1969 .
5-مدخل إلي فلسفة الكتاب المقدس- والمذهب المطلق .
6-حرب مع الدكاترة أو كرامتك  أيها الإكليركي ؛ الطبعة الأولي 1954 .
7- أعد كتابا  عن ذكرياته في الخدمة في السودان  ؛ ولكن للأسف لم تتح له فرصة طباعته . 
ثانيا :- المذكرات الدراسية  :- 
1-الإلتزام الأدبي . 
2-جغرافيا الكتاب المقدس .
3-العقل والإيمان . 
4-الوجود والخلد .
5-ملكي صادق والمذهب الملكيصادق .
6-ما قبل البدء . 
( القس باسيليوس صبحي :-  نفس المرجع ؛ صفحة 375 )  .
كما  قدم بيانا هاما مقدما إلي حضرة صاحب القداسة البابا يوساب الثاني حول مكتبة  الكلية الإكليركية وخطورة رسالتها بتاريخ يناير 1950 ( سوف نعود إليه تفصيلا ) . 
 
وعودة إلي كتاب "مقدمات العهد القديم "  هو يحتوي علي مقدمة تمهيدية تشرح منهجه في دراسة الكتاب المقدس ؛ حيث يعرض للأتجاهات المختلفة  في دراسة الكتاب المقدس ؛ومفهوم العهد في الكتاب المقدس ؛ وتاريخ الكتاب المقدس ؛ولغات الكتاب المقدس  وأهم الترجمات والنسخ ؛ مع عرض لأيام الخليقة العلوم الحديثة  ؛ ثم مفهوم شجرة معرفة الخير والشر  .
 
وينتقل بعد ذلك لعرض أسفار الكتاب المقدس نفسها ؛ حيث قسمها إلي :- 
1-أسفار موسي الخمسة . 
2-الأسفار التاريخية . 
3-الأسفار القانونية الثانية . 
4-الأسفار  الشعرية . 
5-الأسفار النبوية . 
 
وفي دراسة  كل سفر علي حدة ؛  كان يقدم ( تسمية السفر – كاتب السفر وزمن كتابته – موضوع السفر-  أقسام السفر – النبوات والرموز الخاصة بالسيد المسيح -  الاعتراضات والرد عليها ) . 
أما الكتاب الثاني  الذي سوف نتعرض له ؛  فهو كتاب " مكتبة الكلية الإكليركية وخطورة رسالتها في الكنيسة "  وفيه يعرض ( دور المكتبات  في التربية – المكتبات في العالم القديم والحديث – أهدافنا عن طريق المكتبة – ختام ورجاء ) .

ففي الفصل الخاص بأهدافنا عن طريق المكتبة ؛ أقترح  سيادته تشكيل لجان للمكتبة تشمل  :- 
اللجان العلمية :- ومن أهدافها :- 
1-ترجمة الكتب التي لها صلة بالكنيسة القبطية .
2-القيام برحلات للبحث والتنقيب في الأديرة عن الكتب والمخطوطات النادرة 
3-نشر الكتب الهامة  علي أفراد الشعب وبيعها بأثمان رخيصة . 
4-بحث ونقد الكتب الهامة الواردة إلي المكتبة  وتقديم تقرير مختصر عنها .
ثانيا :- اللجنة التنفيذية :- علي   أن تضم الأسماء الآتية :- 
1-وهيب عطا  الله ( المتنيح الأنبا غريغوريوس ) . 
2-الأستاذ سليمان نسيم . 
3-الأستاذ نظير جيد ( المتنيح قداسة البابا شنودة  الثالث ) .
4-الأستاذ يحيي محفوظ . 
5-الأستاذ وهيب جورجي . 
وتقوم اللجنة بجمع التبرعات العينية  من  الكتب – جمع التبرعات المالية وقبول الهدايا المتصلة  بالمكتبة  من أثاث وخلافه  .... الخ  . 
ثالثا :- لجنة الطلبة :- 
وتكون مهمتها متابعة قرارت وتوصيات اللجنة التنفيذية .
لمزيد من الشرح والتعليق :- وهيب جورجي :-  مكتبة الكلية الإكليركية للاقباط الارثوذكس وخطورة رسالتها في الكنيسة القبطية ؛     الصفحات من  28- 45 ) . 
أخيرا :- بعض الذكريات الشخصية  مع كاتب هذه السطور :- 
كان لي فرصة التعرف الشخصي علي الدكتور "وهيب جورجي " خلال فترة دراستي بالكلية الإكليركية خلال الفترة من ( 1984- 1987 ) . ثم معهد الكتاب المقدس ( خلال عام 1988 ) حيث قام بتدريس مادة  "جغرافيا الكتاب المقدس " لنا   . وكثيرا ما كنت أراه جالسا في مكتب الرابطة بالكلية ؛ وكنت  أنتهز الفرصة  لأتحاور معه وأساله في العديد من القضايا المتعلقة بالعهد القديم ؛  ولقد سعدت أعظم سعادة عندما علم أني من شعب كنيسة العذراء بالزيتون ؛  فقال لي " لقد كنت أمين اجتماع الشباب بالكنيسة خلال حقبة الخمسينات ؛  وتمتعت بالبركة في الخدمة مع جناب الأب الورع القمص " قسطنطين موسي ( 1898- 1982 )   ؛ وكنت أعرفه أيضا  من خلال عمله كأب إعتراف الطلبة بالكلية ؛  وعندما ذكرت هذه المعلومة لبعض الخدامي القدامي بالكنيسة ؛ قال  لي أمين الخدمة "أنكل وهيب ؟ ! ؛ طبعا فاكره واحشني جدا  ؛ يا ريت تتفق معاه نروح نزوره في منزله ؛  كما أظهر لي أمين عام الخدمة المتنيح الأستاذ "مجدي لبيب " صورة نادرة لشباب اجتماع العدرا الزيتون ؛ وهم يكرمون الدكتور " وهيب عطا الله " عقب عودته ظافرا بدرجة الدكتوراة من إنجلترا   ؛ وانكل وهيب جورجي  في وسطهم .  وكان التكريم في فناء كنيسة العذراء ( كنيسة الظهور حيث لم يكن  هناك  بالطبع  غيرها في ذلك الوقت ) .  ( أرجو  من  عائلة المتنيح الأستاذ مجدي لبيب لو كانوا يحفتظون  بهذه الصورة أن يمدوني بها ؛ فهي صورة بالغة الندرة  ) .  وعندما ذكرت  الدكتور وهيب بهذا الحفل ؛ قال لي " طبعا فاكر الحفلة ولسة محتفظ بالصور بتاعتها " .  وعندما أخبرته برغبة أمين الخدمة في زيارته ؛ قال لي "  طبعا ده شي يسعدني جدا " وبالفعل توجهنا لزيارته في  شقته  البسيطة  المتواضعة بحدائق القبة : وتكررت الزيارة أكثر   من مرة ؛  وفي كل مرة كنا نحصل علي كنز من المعلومات القيمة ؛ ومن المواقف المؤثرة التي تظهر بساطة المعيشة التي كان يعيش فيها ؛ كنا نزوره خلال شهر أغسطس ؛ وكان الجو شديد الحرارة ؛ وعندما لاحظ   تبرمنا الشديد  من حرارة الجو ؛ قال لنا بخجل شديد " أنا أسف ما عنديش مروحة !! " فقلنا له " يكفينا الجلسة معكم والاستزادة   من علمكم " . وكثيرا ما كنت أراه عندما كنت أتوجه إلي عملي  واقفا علي محطة الأتوبيس منتظرا الأتوبيس الذي يتوجه به إلي  الكلية  في الساعة الثامنة صباحا .  وعندما طلبنا منه أن يلقي كلمة في إجتماع الخدمة بكنيسة الزيتون ؛ رد وقال " بكل سرور ؛ فقط أحتاج إلي إذن مكتوب من أبينا الحبيب القمص بطرس جيد ( 1918 – 1996     )  ؛  فقام أمين الخدمة بكتابة الطلب ؛ وعرضه علي أبونا بطرس ؛ فكتب أبونا  بطرس بالحرف الواحد  " بكل سرور نرحب بالدكتور وهيب لإلقاء  المحاضرة " . وبالفعل جاء وألقي علينا محاضرة قيمة جدا ؛  وقام أمين الخدمة  بطلب توصيله بسيارته الخاصة الي المنزل ؛  وعندما رفض العرض " قلنا له "عاوزين يا دكتور نستزيد   من علمك  أكثر ؛ فلا تحرمنا من هذه البركة " .  عندما قام  المتنيح الأنبا باسيليوس بزيارة مصر  خلال ذروة أزمة الخليج  عام 1991 ؛  اصطحبني معه لزيارة نيافته في مقر رابطة القدس ؛ وأخذوا يستعيدون معا  حديث الذكريات من أيام الدراسة بالكلية ؛ ثم أيام الخدمة  في مدينة القدس . حقا  كانت ذكريات جميلة ومباركة ما زلت  أحيا ببعض ثمارها حتي الآن . 

بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1-القس باسيليوس صبحي :- الكلية الإكليركية في 125 عاما ؛ الكلية الإكليركية للأقباط الأرثوذكس  ؛ يوليو 2020 ؛ الصفحات من  371- 376 .
2-وهيب جورجي :-مقدمات العهد القديم :- مكتبة الكتب المسيحية .
3-وهيب جورجي :-  مكتبة الكلية الإكليركية وخطورة رسالتها  في الكنيسة القبطية – موقع الكنوز القبطية . 
4-بعض الذكريات الشخصية  مع كاتب هذه السطور .