ياسر أيوب
قد لا تكون جامايكا من البلدان التى اعتدنا سماع اسمها وحكاياتها فى مصر .. فهى جزيرة صغيرة بعيدة فى البحر الكاريبى لا تزيد مساحتها عن عشرة آلاف كيلو متر مربع ولا يزيد عدد سكانها عن الثلاثة ملايين .. ولم تكن فى أى وقت من نجوم المسرح الدولى سياسيا واقتصاديا وعلميا وفنيا ورياضيا أيضا .. ولا يمنع ذلك من الالتفات لما قاله منذ يومين آلاندو تيريلونجى وزير الدولة للثقافة والرياضة فى جامايكا .. كلام يمكن الاحتفظ به فى ملف الذين يجيدون اختيار أحلامهم أو ملف الذين يعرفون ما يستطيعونه وما الذى لا يقدرون عليه ..
 
فلم يعد وزير الرياضة بأن تصبح جامايكا قوة رياضية عظمى .. ولم يقل أنها ستنافس كبار العالم فى استضافة البطولات والدورات الدولية الكبرى .. لكنه تحدث بدلا من ذلك عن السياحة الرياضية وأن جامايكا تستطيع أن تصبح أحد اللاعبين الكبار فى هذا المجال بما تملكه من شواطىء وملاعب صغيرة أنيقة منتشرة فى كل مكان .. قال الوزير أيضا أنه سيقتدى باستراليا التى باتت رائدة فى مجال السياحة الرياضية وتربح منها ثلاثة مليارات دولار كل عام بما يعادل خمسة بالمائة من دخلها القومى .. وأجمل ما فى كلام الوزير كان واقعيته .. فلم يعد هناك كثيرون فى العالم اليوم يريدون كل شىء اقتناعا بأن الذى يريد ذلك لا يحصل على أى شىء فى النهاية ..
 
وعلى سبيل المثال تبعد جامايكا 145 كيلومترا فقط عن كوبا .. لكن الفارق فى التفكير بين الدولتين كان كبيرا جدا .. فكوبا اكتشفت فى دورة مكسيكو سيتى 1968 أنها مميزة عالميا فى الملاكمة ..
 
فقررت اختصار وترشيد ما تنفقه من مالها القليل على كل الألعاب لتصبح الملاكمة صاحبة النصيب الأكبر والأهم من المال الأوليمبى الحكومى .. وحتى دورة 1968 كانت كوبا لا تملك إلا 17 ميدالية أوليمبية منها خمس ميداليات ذهبية .. وبعد قرارها بالتركيز على الملاكمة وبعض الألعاب الأخرى .. باتت كوبا تملك الآن 210 ميدالية أوليمبية منها 98 ميدالية ذهبية ومنها 73 ميدالية للملاكمة وحدها .. أما جامايكا .. فلم تقرر أن تختار ما اختارته جارتها كوبا .. إنما اختارت ما تستطيع النجاح فيه ..
 
فهى جزيرة جميلة تبيع طول الوقت الحلم والحب للناس .. وقدمت شواطئها وبيوتها لسينما العالم فكانت مقرا لتصوير الكثير من الأفلام بعد فيلم جيمس بوند دكتور نو .. واشتهرت بموسيقى الريجى وقدمت للعالم المطرب الرائع بوب مارلى ..
 
وقدمت نفسها للعالم بأنها المكان الأفضل عالميا سواء لشهر عسل حديثى الزواج أو راغبى الاستمتاع بالطعام الكاريبى وقهوة الجبل الأزرق .. وبات يزورها سنويا أكثر من خمسة ملايين سائح .. ولهذا كان من الطبيعى ومن الحكمة أيضا أن تقرر جامايكا الاستثمار فى مجال السياحة الرياضية ليصبح رهانها الأول والأكبر .. وعلى الرغم من أن جامايكا قدمت عددا من العدائين الكبار أهمهم وأشهرهم هو يوسين بولت .. لكنهم استثناء لا يصلح أن يكون بداية للنجاح وتحقيق الأحلام.
نقلا عن المصرى اليوم