أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تنيح الأب الناسك المجاهد القديس جلاسيوس، وقد ولد من أبوين مسيحيين، فربياه تربية مسيحية، وعلماه علوم الكنيسة، ثم قدماه شماسا. فاجهد نفسه في طاعة السيد المسيح وحمل نيره، وذهب فترهب في برية شيهيت. 
 
وبعد زمن رسم قسا فأرشده ملاك الرب إلى مكان بعيد وهناك جمع حوله جماعة من الرهبان، فكان لهم خير مثال، وكان يعد نفسه كواحد منهم. وقد تناهي في الصبر وطول الاناة، حتى أمكنه نسخ الكتاب المقدس، ووضعه في الكنيسة ليقرا فيه من يشاء من الرهبان. 
 
وحدث إن زاره مرة رجل غريب وسرق هذا الكتاب وعرضه للبيع فاشتراه أحد الأشخاص، وأراد إن يعرف قيمته فذهب به إلى القديس جلاسيوس وأراه إياه فعرف انه كتابه. فقال له بكم باعك صاحبه؟ فقال بستة عشرة دينارا. فقال له انه رخيص فاشتراه وعاد به إلى منزله. ولما جاء البائع لأخذ ثمنه قال له: أنني عرضته علي الأب جلاسيوس فقال إن الثمن كثير. فقال له: أما قال لك شيئا أخر. فقال لا فقال: إنني لا أريد بيعه. ثم اخذ الكتاب وتوجه به إلى الأب جلاسيوس وقدمه له باكيا نادما علي فعله فلم يقبله منه، وبعد إلحاح شديد ودموع كثيرة، قبل إن يسترده. 
 
وقد منحه الله نعمة عمل المعجزات، منها انه اهدي إلى الدير في أحد الأيام مقدارا من السمك. وبعد طهيه وضعه الطباخ في المطبخ ووكل بحراسته أحد الغلمان وهذا أكل منه جزءا كبيرا. فلما عرف الطباخ ذلك غضب علي غلامه لآنه أكل منه قبل وقت الأكل وقبل إن يباركه الشيوخ، وضربه ضربة أصابت منه مقتلا، فذعر الطباخ وذهب إلى القديس جلاسيوس واخبره بما جري منه، فقال له خذه وضعه بالكنيسة أمام الهيكل واتركه. ثم جاء الشيخ والرهبان إلى الكنيسة وصلوا صلاة الغروب، وبعد ذلك خرج الشيخ من الكنيسة فقام الغلام وتبعه، ولم يعلم أحد من الرهبان بهذا إلا بعد نياحته. 
ولما اكمل هذا الأب حياته بشيخوخة صالحة أراد الرب إن يريحه من أتعاب هذا العالم فتنيح تاركا هذا التذكار الحسن. 
بركه صلاته تكون معنا امين... 
ولربنا المجد دائما أبديا آمين...