إعداد / ماجد كامل
عندما نشر العالم البولندي نيقولاوس كوبرنيكوس Nicoliauos Copernicous كتابه " دورات الكواكب السماوية " خلال عام 1543 م ؛ لم يكن يعلم أن كتابه هذا سوف يهز موازين الكون كله ؛وسوف يحدث ثورة علمية كبري عرفت في كتب التاريخ ب"الثورة الكوبرنيكية "ذلك باكتشافه نظرية دوران الأرض حول الشمس وليس العكس كما كان يعتقد قديما . أما عن كوبرنيكس نفسه ؛فلقد ولد في 19 فبراير1473 بأحدي المدن البولندية . ودرس في بولندا وأكمل دراسته في جامعة بولونيا بإيطاليا ؛ وتخصص في دراسة القوانين الكنسية حتي حصل فيها علي درجة الدكتوراه . ولم تكن علاقته بالفلك أكثر من هواية يقرا ويبحث فيها في أوقات فراغه . وأثناء إقامته في إيطاليا ؛ قرأ كتابات الفيلسوف اليوناني القديم أرستاخوس الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد( 310 ق .م – 250 ق . م ) . وهو الذي كتب أن الارض وكافة الكواكب الأخري هي التي تدور حول الشمس ؛فأقتنع كوبرنيكس بهذه النظرية ؛ وأخذ يعرضها علي أصدقائه المقربين . ولم يكتف بذلك ؛ بل راح يجمع ملاحظاته والادلة التي تؤكد صحة تظرية أرسترخاوس ؛ وراح يجمع المادة العلمية اللازمة التي سوف تكون الأساس النظري الجليل لكتابه "عن دورة الأجرام السماوية " وفيه عرض نظريته بالتفصيل ؛ وقدم الأدلة القاطعة علي صحة كلامه . ولقد كان العالم وقتها يعتنق نظرية بطليموس Ptolemy ( 87 – 150 م تقريبا ) الذي آمن بمركزية الأرض Geocentric theory .فجاء العالم كوبرنيكوس وأثبت مركزية الشمس Heliocentric theory
وعندما بلغ الستين من عمره ؛ألقي سلسلة من المحاضرات في جامعة روما ؛عرض فيها مباديء نظريته دون أن يثير غضب بابا الكنيسة الكاثولوكية ؛ ولكنه خاف من عرض نظريته ؛خاصة أن كان يعمل كاهنا في أحدي الكنائس . ولم يقرر نشر الكتاب إلا في آواخر الستينات من عمره . ورفع في مقدمة الكتاب إهداء الي البابا بولس الثالث ( 1534- 1549 ) بابا الكنيسة الكاثولوكية رقم (219 ) في ذلك الوقت قال فيه " إذا حكم الناس؛رغم جهلهم بالرياضيات ؛علي ما في هذا الكتاب من آراء وفقا لآية من الكتاب المقدس شوهوا صوغها وحرفوا فحواها كي توافق هواهم ؛فإنني لا أٌقيم لهم وزنا . وإني لأرفع بحثي هذا إلي قداستكم ومن ورائكم من الرياضيون الأعلام لتحكموا فيه " . ولم تظهر النسخة الأولي من الكتاب إلا يوم وفاته في 24 مايو 1543 . وفي هذا الكتاب أثبت كوبرنيكس أن الأرض تدور حول نفسها ؛وأن الأرض والكواكب الأخري كلها تدور حول الشمس .
ومن التأملات الجميلة عن الشمس التي كتبها كوبرنيكوس في كتابه حيث قال فيه :-
"لم بخطيء البعض إذ وصفوها بمصباح الكون .
ووصفها غيرهم بعقل الكون .
والقول صواب لأن الشمس وهي متربعة علي عرشها الملكي .
تحكم أسرة الكواكب المحيطة بها ...
وهكذا نجد بفضل هذا التنسيق تماثلا عجيبا في الكون .
وعلاقة انسجام محددة في حركة الأجرام السماوية وضخامتها .
وهي علاقة من نوع يستحيل تحقيقه بطريقة أخري ..... " .
وأيضا أقواله الخالدة التي سجلتها له كتب التاريخ :-
1-يتقلص الجزء الضخم من الأرض بالفعل إلي التفاهة مقارنة بحجم السماء .
2-لقد صنع الكون من أجلنا من قبل خالق جيد ومنظم للغاية .
3-كل الأشياء التي أقولها الآن قد تكون غامضة ؛ لكنها ستتضح أكثر في مكانها الصحيح .
كما قام يوثانت الأمين العام للأمم المتحدة السابق بوضع تمثال نصفي للعالم الكبير وضع في مدخل هيئة الأمم المتحدة ؛ وكان ذلك بتاريخ 7 ديسمبر 1970 . وقال يوثانت في خطبته عند وضع التمثال " كان كوبرنيكووس واحدا من الأشخاص الأذكياء النادرين الذين زودوا البشرية بينبوع المعرفة ؛ وسوف نستلهم جميعا من الرسالة العالمية التي جلبها لنا ؛ فقد أرسي أسس علم الفلك الحديث ؛ ويعود الفضل إلي كوبرنيكوس في قيام رواد الفضاء في القرن العشرين برحلتهم الجريئة إلي الفضاء " .
والجدير بالذكر أن العالم الايطالي الكبير جاليلو جاليلي Galileo Galilei ( 1564- 1642 ) قد تبني نظرية كوبرنيكوس ودافع عنها بكل قوة ؛ وكتب عنها كتابا بالغ الأهمية بعنوان "حوار حول النظامين العالميين للكون " ودفع الثمن غاليا ( لمزيد من التفصيل : راجع مقالنا حوار حول النظامين الرئيسين للكون علي صفحة الاقباط متحدون بتاريخ 15 فبراير 2021 ) .