عمرو الشوبكي
مرّ عام على اندلاع الحرب الأوكرانية دون انتصار حاسم لأى من طرفى الصراع، صحيح أن روسيا تقدمت بسهولة نسبية في بداية الحرب وسيطرت على ٢٧٪ من الأراضى الأوكرانية، ولكن مع نهايات العام الماضى عادت أوكرانيا وسيطرت على جانب من هذه الأراضى وحققت انتصارات في «خيرسون» ليصبح مجموع ما تسيطر عليه القوات الروسية هو حوالى ١٧% من الأراضى الأوكرانية.
تتركز السيطرة الروسية في شرق أوكرانيا، وتحديدًا في جمهوريتى لوجانسك ودونيتسك اللتين ضمتهما إلى الاتحاد الروسى.
وقد عادت القوات الروسية وتقدمت في محيط مدينة «باخموت» الاستراتيجية دون أن تحسم سيطرتها الكاملة عليها، وبدا التقدم الروسى لا يعنى انتصارًا ولا التراجع الأوكرانى يعنى هزيمة.
والحقيقة أن مرور عام على حرب خلفت مئات الآلاف من القتلى و٨ ملايين لاجئ، و٥ ملايين نازح، وخلفت أضرارًا قدرتها منظمات أممية بحوالى ٦٢ مليار دولار، ومع ذلك لم تحسم حتى الآن ويصبح العالم أمام سيناريوهات وصفتها صحيفة اللوموند الفرنسية في تحقيق أخير لها بأنها قاتمة.
ويمكن القول إن هناك سيناريو أول يقوم على انتصار حاسم لطرف وهو يبدو حتى اللحظة غير وارد، لأن الانتصار الأوكرانى يعنى هزيمة الجيش الروسى تمهيدًا لانسحابه، وهو أمر لن تسمح به موسكو، حتى لو تراجعت في ساحة المعركة، أما مسألة انتصار روسيا فهى واردة لأنها ستعنى الاكتفاء بالسيطرة على الأقاليم التي ضمتها للاتحاد الروسى أو على الأقل إقليمين من هذه الأقاليم الأربعة، إلا أن الدعم الغربى والأمريكى المكثف لأوكرانيا صعّب من قدرة روسيا على حسم المعركة لصالحها.
أما السيناريو الثانى فيقوم على استمرار الحرب دون انتصار حاسم لأى طرف، أو بمعنى آخر أن يستمر القصف المدفعى والصاروخى المتبادل، ونشهد كرًا وفرًا هنا وهناك دون تقدم ميدانى حاسم لأى طرف. هذا السيناريو في تاريخ الصراعات الممتدة يفتح الباب دائمًا أمام تسوية سلمية، وهذا ما يراهن عليه البعض، خاصة أن طول أمد الحرب قد يجعل موقف الناتو والدول الأوروبية ليس على قلب رجل واحد، وسيزيد من حضور الأصوات المطالبة بإنهاء الحرب.
يقينًا المبادرة الصينية الأخيرة من أجل إيجاد مخرج سياسى سلمى للصراع الحالى، رحب بها الجانبان الروسى والأوكرانى، ولكن سيكون أمامها تحدٍ حقيقى هو في كيفية إقناع أوكرانيا بالتنازل عن أراضٍ تعتبرها جزءًا من سيادتها، في حين ترى موسكو أنها أراضٍ روسية تعيش فيها أقلية كبيرة روسية تضطهدها السلطات الأوكرانية.
ستظل أزمة الحرب الأوكرانية أنها ليست نزاعًا حدوديًا بين بلدين وليس فقط صراعًا على تحالفات أوكرانية الدولية، فهى أمور يمكن الوصول فيها إلى تسوية، إنما هو صراع على أرض يعتبرها طرف جزءًا من تاريخه وإمبراطوريته ويعتبرها طرف آخر جزءًا من سيادة دولته ووطنيته.
نقلا عن المصرى اليوم