حمدي رزق
دقيقة حداد طلبها الرئيس السيسى من الحضور وقوفا تحية وترحما على أرواح شهداء تحرير سيناء..
دقيقة خشوع وقراءة الفاتحة، لم تكن من طقوس الاصطفاف، لكنها واجبة، والرئيس لا يفوته الواجب، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل.
اصطفاف الأمس، اصطفاف وطنى، ليوم غد، يوم «العبور الجديد» إلى سيناء، الرئيس السيسى يُطلق شارة تنمية سيناء، معركة جديدة يخوضها السمر الشداد، ويكلف قادة القوات المسلحة الباسلة بمهمة في أعماق الأمن القومى.
فتقبلها الجيش تقبُّلا حسنًا، بجاهزية وإقدام، معلوم شعار خير أجناد الأرض «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، ليس شعارا فخريا، لكنه دستور مقدس يحكم جيشا عظيما، يد تبنى وطن يستحق الحياة، ويد تحمى الحدود بالأرواح، الوطن الذي يمتلك مثل هذا الجيش العظيم يكتب له البقاء مرفوع الهامة، رايته خفاقة بين الأمم.
جيش وطنى يحمى وطنه وعلى الحدود أسود، قوامه من قوام هذا الشعب، وسواعده شباب هذا الشعب، جيش مخلص قدم شهداء بعدد سنوات عمر هذا البلد، لو حكت أرض سيناء تحكى أساطير، وأشجارها الخضراء ارتوت بدمائهم الزكية، لو الشجر نطق لقال يجرى في عروقى دم شهيد، ولو الحجر نطق لقال تحتى ينام شهيد قرير العين سعيد، وكما قال الشاعر الجميل «عمر الزين»:
«دمك يا ولدى
مش هيروح هدر..
دمك يسقى عطش المطر..
دمك يخضّر أوراق الشجر..
دمك يكحل عيون القمر..
دمك رسمته ع جبين الحجر».
الجيش بطل حكاية الأمس، وما إن أكمل نصره على فلول الإرهاب، وطهر شقوق الجبال وقيعان الأودية من ثعابين الإخوان والحدادى والغربان السود، ما إن أكمل مهمته، وأدى الأمانة، وتحية تمام المهمة للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
سريعا، يخوض الجيش المصرى تكليفا رئاسيا بالعبور الثانى، وإذا كانت حرب التحرير الأولى خضبت بدماء الشهداء، وسُجْلت تاريخيًا بأحرف من نور، فإن حرب التحرير الثانية (العبور الجديد) تكتب الآن بدماء الشهداء، وستسجل بأحرف من نور كسابقتها، ليصبح النصر مضاعفاً، والسجل يزداد فخارا.
مواكب الشهداء، التي طافت محافظات مصر جميعاً خلال العقد الأخير، تحمل البشرى وتزف شهداء الأرض، ذكريات عبرت، ذكريات العبور العظيم، وحكمتها «اللى خلف مامتش»، هكذا يقولون في أمسيات الريف الطيب، البواسل الذين صنعوا نصر أكتوبر العظيم، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر نصراً جديداً، خلّفوا أسُوداً تخوض ملحمة بطولية عنوانها «تنمية سيناء».
العبور الثانى مثل الأول، مخضب بدماء زكية، ريحها مسك وعنبر، لا تستغرب من رائحة رمال سيناء، مضمخة بدماء الرجال السمر الشداد، وإن كان في أرضك مات شهيد، فيه ألف غيره بيتولد، شهيد العبور وهب لمصر شهيداً على الحدود، المصريون الطيبون يستقبلون الشهداء بالزغاريد، زغرودة أم الشهيد أحلى من الشهد المكرر، وترتدى مصر أم الشهيد جلباباً أبيض، وكأنه يوم الزفاف، وأنا أم البطل.. روح وريحان على شهداء الحرب المقدسة.
العبور إلى سيناء، إلى ضفة التنمية الأخرى، والأنفاق تحت قناة السويس تؤذن بلم شمل سيناء بقلب الوطن، سيناء عروس خطبها أشجع الفرسان، وبذلوا من دمائهم، وأرواحهم فداء، طوبى للشهداء في يوم الاصطفاف الكبير.
نقلا عن المصرى اليوم