ياسر أيوب
سيراها البعض حكاية كروية، لكنها فى الحقيقة حكاية إنسانية جميلة واستثنائية.. حكاية الإنسان حين يتجاهلونه ويظلمونه ويسخرون منه ويشككون فى قدراته.. ويبقى هذا الإنسان واقفًا على قدميه غير قابل للكسر حتى يجبر الجميع فى النهاية على التصفيق له.. ولم يقف الأرجنتينى ليونيل سكالونى أمس الأول فى باريس ليتسلم جائزة المدرب الكروى الأفضل فى العالم.
إنما كانت جائزته الحقيقية هى أنه أبدا لم يفقد ثقته فى نفسه حتى لو فقد الجميع ثقتهم فيه.. أبدًا لم يشعر أن الحياة انتهت رغم كل الأبواب المغلقة لأنهم قالوا إنه لا يصلح.. أبدًا لم ييأس ويستسلم وظل ينتظر دون أن يمل أو يتعب من الانتظار.. وحين جاءته الفرصة لم يتردد فى استغلالها ليستعيد حقوقًا ضائعة وابتساماتٍ غائبة وكبرياء مجروحًا.
وبدأ سكالونى مشواره مع كرة القدم لاعبًا فى نادى أولد بويز فى مدينة سانتا فى شمال شرق الأرجنتين.. وقضى معظم مشواره لاعبا فى إسبانيا دون أن يصبح من الأرجنتينيين الكبار الذين يحفظ العالم أسماءهم.
وتساءل الأرجنتينيون أنفسهم عن دواعى اختياره لمنتخب بلادهم الذى شارك فى مونديال 2006 فى ألمانيا.. فعلى الرغم من أنه كان لاعبا فى منتخب تحت 20 سنة وتم اختياره للمنتخب الأول فى 2003 ليلعب مباراة ودية أمام ليبيا.
إلا أن كثيرين لم يقتنعوا به وتعجّبوا وسخروا من اختياره ليلعب فى المونديال.. وبالفعل، لم يشارك سكالونى فى المونديال إلا كبديل فى مباراة واحدة أمام المكسيك.. ولعب سكالونى بعدها فى إيطاليا ثم عاد إلى مدينة مايوركا الإسبانية، حيث لعب لناديها والتقى فيها بلاعبة الكرة الطائرة الإسبانية إليسا مونتيرو التى تكبره بسنوات قليلة وأصبحت زوجته، واستقر الاثنان فى مايوركا وأنجبا طفلين.
وبعد اعتزال اللعب، اختار سكالونى التدريب وظيفة للحياة والمستقبل، لكنه لم يتلق أى عرض، لم يقتنع به أى أحد كمدرب.. وبعد طول حيرة وعذاب وانتظار، لم يخجل سكالونى فى 2016 من أن يطلب من مسؤولى نادى سون كاليو للهواة القريب من بيته السماح له بتدريب صغار النادى.
وكانت المفاجأة هى نجاحه لدرجة أن يستعين به سامبولى مساعدًا له فى تدريب إشبيلية.. وظل سكالونى مع سامبولى الذى أصبح مدربا للمنتخب الأرجنتينى.. وبعد خسارة الأرجنتين فى مونديال روسيا 2018، تم الاستغناء عن سامبولى.
وتم تكليف سكالونى مؤقتًا بقيادة المنتخب فى مباراتين وديتين فى انتظار التعاقد مع مدرب جديد.. وبعد اعتذار ثلاثة مدربين كبار عن تولى المهمة، بقى سكالونى رغم اعتراض كثيرين وسخريتهم من الرجل والتأكيد على أنه لا يصلح. وتحمل سكالونى كل ذلك ليفاجئ الجميع بقيادة الأرجنتين لكأس أمريكا اللاتينية فى 2021 بعد فشل دام 28 عامًا.
وبعد عام واحد، قاد الأرجنتين للفوز بكأس العالم بعد انتظار 36 عامًا.. وفى 2023، أصبح من كان فى 2016 مدربًا يبحث عن أى وظيفة هو المدرب الأفضل فى العالم.
نقلا عن المصرى اليوم