- أرفض سياسية "التكويش".
- رجوع الرئيس في ثلاثة قرارات مهمة يؤثر على شكل الدولة.
- طالما بقيت الأمية سيحصل التيار الإسلامي على أعلى الأصوات في الانتخابات القادمة!
- مصر لن تدخل في حرب أهلية لأن شعبها متماسك ثقافيًّا وحضاريًّا!
- الثورات موجات، هناك موجة ثانية وأخرى ثالثة قادمة!

كنا قد تحدثنا في الجزء الأول من هذا الحوار الممتع الثري مع الدكتور "عوض الشبه"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "كاليفورنيا"، عن الحوار بين جماعة "الإخوان المسلمين" والولايات المتحدة الأمريكية، ودورها في صعود "الإخوان" لتصدر المشهد السياسي المصري، وعن تطلعات "أمريكا" تجاه الشرق الأوسط، ومصلحتها في صعود تيارات الإسلام السياسي لسُدة الحكم، وعن الدور الذي تلعبه "حماس في سيناء"، وأمور أخرى حاورنا فيها بموضوعية شديدة، ونتطرق في هذا الجزء من الحوار إلى الوضع الاقتصادي المصري، وقدرة الرئيس "مرسي" على فرض سيطرته على "سيناء"، والدور الذي لعبته القوات المسلحة في إدارة البلاد منذ 25 يناير، وبعض موضوعات أخرى هامة.. فإلى الحوار.

حاوره: محمد زيان
إلى أي مدى سيستطيع النظام الحالي برئاسة الدكتور "محمد مرسي" السيطرة على سيناء وتوجيهها للصالح المصري؟
- دعنا ننظر إلى طبيعة سيناء، وحينها لابد أن نراعي عاداتهم والتقاليد. فبعد حرب أكتوبر، أهملت سيناء، لكن حتى انتهاء الحرب، كان التعاون على أشده بين سيناء والجيش والمخابرات المصرية والعسكرية، وكانوا أكثر فهمًا لطبيعتها. ومشكلتنا مشكلة تنموية، ولما بدت بوادر التوريث، استبدل التعامل في سيناء بأمن الدولة، ليحل محل أجهزة الجيش والمؤسسة العسكرية، فتعامل الأمن مع سيناء مثلما مع "طنطا"، تجده تارة يحبس شيخ قبيلة، وتارة يدخل البيوت على السيدات، بينما أهل سيناء ينظرون لأنفسهم أنهم قاموا بدور وطني يستحقون عليه مكافأة أكبر.
- لابد من وضع استراتيجية للتعامل مع سيناء، على مراحل، ولابد مثلًا أن ترجع "رفح" للوراء من ٥ إلى ٧ كيلو مترات؛ لأن "السلك" يقسِّم البيوت والعائلات، وهناك مشاكل على الحدود، ووكذا يجب توفير مشروعات ووظائف لأبناء سيناء، وتوطين شباب مصري حديث التخرج بضعف الراتب. لابد من تطويرها تنمويًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا.
- أما على المستوى الاستراتيجي بعد خمس سنوات مثلًا من العمل على تنمية "رفح"، يمكن بعدها التعامل مع الأنفاق وضربها، بعد عمل منطقة عازلة بيننا وبين إسرائيل. لا بد من الاهتمام بالتعليم ومن المرحلة الابتدائية بسيناء، والعمل على تنمية المفاهيم الوطنية.

ما تقييمك لدور القوات المسلحة في إدارة البلاد منذ أحداث يناير؟
- أرى أنهم بذلوا جهدًا كبيرًا، لكن كان ينقصهم استراتيجية جيدة، فالذي يتم الإعلان عن القبض عليهم، هم مثلًا لا يتجاوزون الـ"٢٠ بالمئة" من الواقع؛ لأن الباقي يهرب، وهذا الدور، لن يكون دور القوات المسلحة وحدها، في الفترة القادمة، إذ لابد من وجود الحريات، إلى جانب الدور الاقتصادي، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.

هل يُقلقك الواقع الاقتصادي في مصر؟
- أكثر ما يُقلقني في مصر هو الواقع الاقتصادي، فحتى تصل مصر إلى نقطة التعادل، لابد أن نصل إلى معدل نمو ١٠ بالمئة، لمدة عشر سنوات متتالية، وهذا مستحيل!

لماذا؟
- ليست هناك موارد واستثمارات تكفي لأن نصل لهذا، مع الأخذ في الاعتبار أن العوامل الديموغرافية، والبنية التحتية، ومنظومة القوانين الاقتصادية، كلها تحتاج تعديلًا جذريًّا.
- فمشروع "مترو الأنفاق" مثلًا يتكلف ٢ مليار ونصف على مدار خمس سنوات، وعندما ننتهي منه، يخدِّم على الزيادة السكانية، لكن تبقى مشكلة الزيادة كما هي، وهكذا الحال، في أمور كثيرة.. إذن لابد من نظرة استراتيجية مختلفة.

هل تعتقد أن الإدارة المصرية الحالية يمكن أن تقدم حلولًا للسقوط الاقتصادي الحالي؟
- الخطاب السياسي الذي نسمعه من الرئيس، يقول إن لديه تصورًا، ولو نظرنا للمناخ السياسي، أقول إنه سيُكمل مدة السنوات الأربع، فالتيار الإسلامي لن يسمح بسقوط "الإخوان"؛ لأن "الإخوان" تنظيم عالمي، و"خيرت الشاطر" يُرتب لنزول الانتخابات!
- والتصور المطروح لقناة السويس مهم، وهذا هو نوع الفكر الذي نحتاجه في الاقتصاد، والأفضل أن يكون للدولة دور في الصناعات التي تؤثر على الأمن القومي، وهذا يحتاج إصلاحات في البنية التحتية، الأمن، إجراءات التقاضي.

وكيف تقرأ الواقع السياسي في مصر الآن؟
هناك حالة استقطاب حادة، ولا يجب أن ننسي أن رئيس الدولة نجح بواحد وخمسين في المئة، وكنا ننتظر رحابة صدر التيار الإسلامي تجاه التيار المدني. هناك رغبة في "التكويش".
- أما أن يأخذ رئيس الدولة ثلاثة قرارات ويرجع فيها، فهذا غير مبشر لشكل الدولة، فالنظام يحتاج لترسيخ النظام المؤسسي غير المرتبط بأشخاص.
- وحتى الآن الوضع غير مستقر سياسيًّا، وأسبابه اقتصادية، ويصعب التوقع بما يمكن أن يفعله الشعب المصري. فهو الذي خرج في ١٩٦٧ لقائد مهزوم رافضًا الهزيمة وتمسك به، وهو مَن حارب في ١٩٧٣ وانتصر، وخرج عام ١٩٧٧ مطالبًا برحيل النظام الذي على رأسه القائد المنتصر، وخرج في ١٩٧٩ يستقبل الرئيس المنتصر عائدًا من الكيان المُعادي، وخرج في ٢٥ يناير، وواجه النظام وأسقطه، وبعد ٢٥ يناير، خرج ولم يعد، فلا أحد يستطيع التوقع، فبعد يناير كُسر حاجز الخوف؛ لذا يصعب التكهن!

وما تصورك لنتيجة البرلمان القام؟
- طالما بقيت الأمية، سيحصل التيار الإسلامي على الأغلبية، هذا أيضًا يتوقف على طبيعة الدستور القادم.

ما رأيك فيما حدث الجمعة الماضية؟
- أعتقد أن جماعة "الإخوان" وحزب "الحرية والعدالة" يجب أن يستفيدوا منه. كفى إحراجًا للرئيس "مرسي"، وعليه أن يستعين بمستشارين حقيقيين، فقضية المحكمة الدستورية، والإعلان الدستوري، وفكرة نزول أنصارهم لتأييده كلها تجارب استنفدت، جرَّبها الرئيس مثلًا في عزل المشير والفريق، ونجحت، لكنها لا تصلح لتجارب أخرى.
- أخطأ "الإخوان" في النزول ومحاولة التدليس. والغش السياسي ليس من مصلحة "الإخوان"، ووكذا أن يأخذ الرئيس موقفًا من القضاء المصري.

- هل مصر تسير في اتجاه حرب أهلية؟
- مصر لن تصل إلى مرحلة الحرب الأهلية؛ وهذا راجع إلى التكوين الثقافي.

ما قراءتك للربيع العربي في إطار نظرية المؤامرة؟
- الثورات العربية، وبالتحديد في مصر، كانت ثورات عظيمة، لكني أؤمن بنظرية المؤامرة، ففي أفغانستان ببساطة، كان الأفغان يحاربون السوفييت، ويوجههم الأمريكان بالإنترنت إلى جانب دعم السلاح؛ لأن الإنترنت يستخدم قي الجيش الأمريكي منذ ١٩٥٢، وخرج للعالم عام ١٩٩٢، وبعد نهاية حرب أفغانستان، استدعت أمريكا قيادات الثلاث قبائل الرئيسة؛ للتفاوض على مد أنابيب البترول إلى أفغانستان، ولما علم الشيخ المنتصر "أسامة بن لادن"، رفض، وقال "التفاوض معي أنا"، فرفضت أمريكا أن تتفاوض معه، وتخلصوا من نظام "طالبان".

- دخلت أمريكا الحرب ولديها احتياطي بترول عشرين سنة، وانتهت، وانخفض لست سنوات، فكان القرار بأخذ العراق، حيث يوجد خط بترول، أو غاز روسي، كان من المفروض أن يمر من تركيا، فمر من سوريا.

- أصل الصراع أن المِنطقة مِنطقة بترول، وجاء الربيع العربي، وبدأ بتونس (الضحية).

- انظر إلى تعامل أمريكا والعرب مع ثورة مصر،  فكان برأيهم أنها لابد أن تظل مستقرة؛ لأنها رمانة الميزان في المنطقة، حتى لو هناك تخطيط لتقسيمها، فليس الآن!

- الربيع العربي ذهب إلى سوريا، فأصبح شتاءً! فخصوصية سوريا في عدة أشياء، منها أن حسم سوريا، سيحسم النظام الدولي، وهل سسيطر قطب واحد أم اثنان، وأن سوريا "السنتر" بين إيران وحزب الله ولها حدود مع إسرائيل، ولا أتوقع تدخلًا عسكريًّا.

- أمريكا "ركبت الموجة" فيما استطاعت أن تنتهزه من الوقت، بدليل أن الثورة المصرية كانت مفاجأة، لكنهم أخذوا القوى المرشحة وتعاملوا معها!

هل تتوقع سقوط المشروع السياسي للإخوان؟
- أتوقع ذلك، لكن ليس قبل عام ونصف؛ حتى تتولد تراكمات جديدة، تحرك الشارع المصري؛ ولأن العدالة الاجتماعية لن تتحقق بالمفهوم الاقتصادي للإسلام السياسي، أقصد "الزكاة والصدقة"، لابد من التصنيع، والذي لن يكون بالحماية الجمركية، وحله فتح المنافسة، ودعم التصنيع، وهنا لابد أن تضع الدولة يدها في الصناعات الاستراتيجية، والثورات موجات، هناك موجة ثانية وأخرى ثالثة قادمة.