طارق الشناوي
ما الذى يحمله الزمن القادم لسعد لمجرد الذى حظى مع بداية نجاحه منقطع النظير فى عالمنا العربى بلقب (لمعلم)، أغنيته التى حققت أرقاما مليونية ولاتزال، وأدخلته هى وأغنيات أخرى موسوعة (جينيس). ملك المغرب محمد السادس كان قد منحه أرفع الأوسمة التى تقدم للشخصيات العامة التى حققت إنجازات استثنائية لبلدها.
علاقة معقدة بقدر ما هى متشابكة بين الفنان والجمهور، أتحدث عن (السوبر ستار) الذين لديهم فى الضمير الجمعى مكانة أيقونية وكأنهم أنصاف آلهة.
ما الذى يفعله الجمهور المتيم مع نجمه الأثير عندما يضبط متلبسا فى قضايا مخلة بالشرف، التسامح قطعا متوفر فى قضايا أخرى حتى لو كانت تصنف الآن باعتبارها مخلة بالشرف، مثل التعاطى، وجدان الناس فى هذه الحالة قد يغفر.
هل يصل الأمر مثلا للتغاضى عن جريمة مثل القوادة أو الاغتصاب؟، المنطق هنا يقول إن الجريمة انتقلت إلى منطقة تتجاوز كل ما يمكن السماح به من السماح.
الجمهور بطبعه أنانى فى حبه، معصوب العينين عندما يكون فى حالة وله، لا يحسبها أبدا بالعقل، ويغض الطرف تماما عن كل شىء فهو يعيش تحت وطأة جنون الحب.
سعد لمجرد فى أكثر من حفل وأكثر من بلد منذ تداول قضايا تورطه فى العنف تجاه المرأة واتهامه بالاغتصاب كان يتم تحت الضغط الجماهيرى إلغاء الحفل مثلما حدث فى مصر، بينما فى حفلات أخرى بمصر أيضا سمح له بالغناء.
القضية فى السنوات الأخيرة لم تكن محسومة بحكم تنفيذى، كما أنه كان يسافر بمظلة قانونية رغم أنه قيد التحقيق، بعد الإدانة سقطت تلك المظلة تماما، المنطق القانونى يؤكد أن احتمال رفض النقض فى الحكم أقوى من قبوله، كما أنه أيضا معرض للسجن سنوات أخرى فى قضية مماثلة.
منذ خمس سنوات تنظر أيضا فى فرنسا وبنفس الاتهام، وإدانته المسبقة ستؤدى حتما إلى زيادة احتمال تكرار العقوبة المغلظة.
بمجرد صدور الحكم زاد الطلب أكثر على الاستماع ومتابعة أغانيه عبر (اليوتيوب)، مشاعر الناس لم تتأثر سلبا بالحكم القضائى، وهو ما أراه نوعا من الغلظة والأنانية. هل مثلا مع مرور الزمن نكتشف أن جريمة مثل الاغتصاب يتم التسامح معها؟ أتصور أن ما نتابعه عربيا مرتبط بالثقافة العربية، أقصد أن ملابسات الجريمة التى تم تصوير جزء منها يبدو ظاهريا لصالحه.
اصطحب لمجرد الفتاة بموافقتها ورغبتها إلى جناحه بفندق (ماريوت) فى باريس، وقال فى التحقيقات إنه تعاطى المخدرات، إلا أنه اعتدى عليها بالضرب فهو من الواضح يمارس متعته فى السادية لتعذيب الآخرين قبل استكمال علاقته الجنسية، فى مفهومنا العربى وهو لا يتوافق بالمناسبة مع القانون إلا أنها ثقافتنا المتوارثة.
إنه لم يختطف البنت بل ذهبت معه بكامل إرادتها ورغبتها، فلا توجد جريمة، نعم لا توجد لو كان الأمر توقف فقط عند حدود ممارسة الجنس، ولكن العنف والشروع فى الاغتصاب هما الجريمة.
الوسط الفنى فى القسط الأكبر منه خاصة المطربين والمطربات أعلنوا تضامنهم، وأضافوا أنهم موقنون من براءته، بعض عشاق (لمجرد) من أهل المغرب الشقيق منحوا القضية غطاء سياسيا بسبب توتر العلاقة بين الحين والآخر بين فرنسا وشعوب المغرب العربى، أى أنهم فى النهاية يبحثون عن طوق نجاة أخلاقى يبررون به استمرارهم فى حبه.
هو مريض بالسادية وأيضا يتعاطى مخدرات، إلا أن القانون لا يعتبر ذلك مبررا للجريمة ولا حتى لتخفيف الحكم.
المحكمة أصدرت قرارا عادلا بالسجن، بينما الجزء الوافر من الجمهور منحه البراءة، الاثنان يعلن كل منهما بطريقته، تطبيق العدالة، من أدان ومن برأ!!.
نقلا عن المصرى اليوم