ياسر أيوب
في نوفمبر 2010.. رفض مارسين أوليسكى الاستسلام للحزن واليأس وقرر بمنتهى الإرادة والإصرار أن يبقى واقفا حتى بعد خسارة أحد ساقيه ليواصل حياته.. لكن ما جرى في فبراير 2023 كان أبعد مما يتخيله ويتمناه وأكبر حتى من أكثر أحلامه جنونا.. ولو قيل في 2010 لمارسين إنه بعد 13 عاما سيسجل هدفا يختاره الفيفا كأجمل هدف في العالم 2022.. لم يكن مارسين بالتأكيد سيصدق ذلك.. لكن هذا بالضبط هو ما جرى.

فقد كان مارسين حارس مرمى موهوب يلعب لنادى كورونا كوزوفوف أحد أندية الدرجة الرابعة في دورى بولندا.. وتوقع مدربه أندزاى سافيسكى وأيضا زملاؤه في الفريق أنه قريبا سينتقل لأحد أندية الدرجة الأولى حين يتأكد الناس من موهبته واستحقاقه أن يلعب تحت الأضواء ووسط الكبار.. لكن لم تسمح له ظروفه برفاهية انتظار أن يتحقق ذلك.. فقد كان فقيرا يحتاج للمال لكى تبقى الحياة ممكنة.. واضطر مارسين للعمل في مجال المعمار كعامل بناء بسيط لدى شركة مقاولات تقوم برصف طريق كيشيلينسكا في مدينة جيلونا جورا غرب بولندا.. وبعد ستة أشهر فقط.. وبالتحديد في 20 نوفمبر 2010.

صدمت سيارة مارسين وكان حادثا مروعا حيث فقد إحدى ساقيه.. واحتاج زملاء مارسين في الفريق وقتا طويلا حتى يستوعبوا ما جرى لمارسين.. أو أولوا كما اعتادوا مناداته.. وكان إحساسا قاسيا أن يتعرض لهذا المصير الشاب الطيب والمرح البالغ من العمر 23 عاما الذي اعتاد مساعدة الجميع حوله والإصغاء إليهم ليقتسم معهم همومهم وأحزانهم قبل أفراحهم ويغنى لهم في كل رحلات الفريق.. ومثلما قرر مارسين بعد ذلك الحادث أنه لن يتخلى عن حياته وسيظل يحلم ويغنى.. قرر زملاؤه أيضا أنهم لن يتخلوا عنه.. وبعد بحث طويل وأسئلة كثيرة.

ساعد مارسين زملاءه في العودة إلى ملاعب كرة القدم لكن ليس معهم في الفريق إنما مع فريق آخر للاعبى الكرة الذين فقدوا إحدى ساقيهم.. وبالفعل عاد مارسين للعبة التي أحبها.. وبدأ يتقن تدريجيا لعبها بساق واحدة معتمدا على عكاز يتكئ عليه وهو يجرى أو يمرر الكرة.. وظل هكذا سنة وراء أخرى حتى انضم لنادى فارتا في مدينة بوسنان غرب بولندا.. وتألق مارسين مع فريقه الجديد.. وبعدما كان حارسا للمرمى موهوبا ومتألقا.. تغير دوره في الملعب بعد أن فقد إحدى ساقيه وباتت متعته تسجيل الأهداف لا منعها.

وفى 6 نوفمبر 2022.. وأثناء مباراة لفريقه أمام زاسوف.. طار مارسين في الهواء ليضع الكرة في مرمى زاسوف بشكل رائع للغاية.. وهو الهدف التي اختاره الفيفا ضمن قائمة أجمل أهداف العالم في ذلك العام للمنافسة على الهدف الأفضل.. كانت المرة الأولى التي يدخل هذا السباق هدف أحرزه لاعب بساق واحدة.. وفاز هدف مارسين بجائزة بوشكاش.. ووقف كل النجوم الكبار، وفى مقدمتهم ميسى ومبابى، يصفقون طويلا لمارسين وهدفه الجميل.
نقلا عن المصرى اليوم