بقلم: د. صبري الباجا 
لى ملاحظة قديمة, ربما رفعتها الاحداث و الخبرة ال مستوى القناعة بالرغم مماقد يسوقه البعض من امثلة قد يبدو انها تناقضها. تتلخص هذه الملاحظة فى القول بانه  لو اردت ان "تدهول" مهمة اوكلها الى مصريىن. هنا, وقبل الاستمرار فى الكتابة, يتحتم على ايضاح امرهام, و هو الفارق الشاسع الذى كثيرا ما نلمسه بين عمل المصرى كفرد, خاصة فى بيئة او وسط اجنبي, و "لخبطة" المصريين اذت ما شرعوا فى المشاركة فى عمل جماعى فى مصر او خارجها. لن اتحدث عن خيبة الاقباط, التى هى من العيارالصناعى الثقيل, التى اعجزتهم الى الان عن تكوين هيئة موحدة تمثلهم سياسيا و قانونيا لتخفف من وقع الالتهام الذى يتعرضون له جسديا و نفسيا وسياسيا و حقوقيا, فهذا من ابلغ و اقرب الامثلة على الفشل الذى يصيب المصريين كلما اتهفوا فى امخاخهم و حاولوا القيام بجهد جماعى. 
كلنا نعلم و نتحدث بفخر عن انجازات الانسان المصرى الفرد فى الخارج: احمد زويل, محمد البرادعى, نجيب محفوظ, مجدى يعقوب, فاروق الباز, واعداد لا حصر لها من المصريين الذين اكتسبوا ثقة و تقدير و احترام العالم كأشخاص. ولكن ليس فى هذا ما يثبط او يضعف حجتى بان الامر يختلف تماما اذا ما اجتمع المصريون فى محاولة للقيام بعمل موحد او انجاز مهمة جماعية, فتكون المحصلة النهائية لهذا الجهد اما الفشل التام او النقص المعيب الذى ينال من هدف العمل و قيمته و فاعليته. عايزين امثال؟ اتفضلوا اثنين ليس على سبيل الحصر: أختراق الدفرسوار الشهير فى حرب اكتوبر 1973 الذى نفضل الا نتحدث عنه و عن اسبابه و نتائجة و كيف انه ربما كان من المستطاع لمصر انتزاع حقوق مغتصبه اكثر و مزايا افضل ان لم يحدث هذا "الفياسكو". بل نقدم كافة الاسباب و العلل و قلب و تبرير الحقائق المؤسفة, من باب خداع النفس وطمس الرأس فى الرمال,  لتبيان اننا كنا حنموت الاسرائيليين الذين حاصروا الجيش الثالث و تقدموا نحو القاهرة لولا ان الامريكان شالوهم من فوقنا! اما المثل الآخر فهو المأساة التى يحياها شعب مصر اليوم بعد ان قام بثورة اذهلت و علمت العالم باسره تماما كعبور 6 اكتوبر المجيد, ثم تلاشت الثورة و انفطر عقدها وضاعت اهدافها ووقعت فريسة سهلة فى ايدى المطززين المتربصين للاستيلاء على حكم مصردون السعى او محاولة العمل لصالحها, بل لتحقيق اضغاث احلام و خرافات عن خلافة دفنت بعد ان تعفنت منذ ما يقرب من التسعين عاما و لا امل يرجى فى اعادتها الى الحياة فى عالم اليوم. نعمل و نجتهد و نضحى و نطبخ طبخه شهية, ثم نرش عليها تراب بسبب عشوائية التفكير و انعدام التنسيق وعدم اعتبار كل الاحتمالات التى قد تؤثر على النتائج, و احيانا التواكل و "الجدعنه" او قصر النفس و عدم المثابرة و المتابعة الجدية.


اما ما دعانى الى كتابه هذا المقال فهو "لا حدث" نشرت اخباره فى موقع "الاقباط متحدون" الالكترونى منذ يومين عن اجتماع سادة اقباط افاضل لم يسمع بهم احد من قبل, و لم يبرزوا لنا توكيل من باقى الاقباط لاسداء التوجيه اليهم, التقوا فى احد فنادق القاهرة لاتحاف الاقباط, و ربما العالم, بتوصياتهم الرشيدة لانتخاب بابا الاسكندرية الثامن عشر بعد المئة. و ليس فى الاجتماع و تبادل الافكار و المعلومات فى امرجلل كهذا ما يعيب بل انه من المستحب ان نتبادل المعلومات و الاراء و الاستماع الى فكر الآخر, و لكن امر اجتماع الفندق هذا زاد حبتين عندما تفضل احدهم و "اعلن" نتيجة بحثهم القيم بتحديد ثلاثة اسماء من الخمسة نالوا الرضا السامى دونا عن الاثنين الاخرين! مرة اخرى عمل جماعى مصرى خاطىء القى بحفنة من التراب على الطبخة.


لقد ادار حضرة صاحب النيافة ابانا جزيل الاحترام انبا باخوميوس القائم مقام البطريركى مهمة البحث عن البابا الجديد لاحدى اعرق كنائس المسيحية بالشجاعة و الحكمة و الحزم والوعى و البصيرة والشفافية والتحضر والمهابة و الترفع والاستماع المرهف لأراء و توقعات و مخاوف الاقباط من كافة الطبقات و الاصقاع,  بحث عنها و توسلها استجابة لاحساسه العميق بجسامة المسؤلية و خطورة المنصب المرتقب و ما ينتظر الاقباط من تحديات خلال المد العدائى الحالى و القادم. و استجاب ملايين الاقباط داخل مصر و فى الشتات بالفرح و الشكر لقيادته الملهمة و لترفع المبعدون عن المنصب عن اثارة المتاعب يل ان احدا منهم, هؤلاء الاقوياء ذوى النفوذ العارم فى الكنيسة, لم ينطق ببنت شفة تعليقا او احتجاجا بل تحلوا بصمت جليل يحتسب لهم من الفضائل و الحسنات.


بذلك, ضرب الاقباط و رئاسة كنيستهم مثالا حضاريا و تنظيميا بهر العالم و يصلح ان يكون قدوة تتبع لمصر و غيرها من الشعوب المتطلعة الى احترام ارادتها. و للعلم, فقد سمعت هذا التعليق عن موظفة غير مسيحية فى قنصليتنا بمدينة شيكاجو الامريكية. انجاز قيل عنه انه اعجازى الى ان طلع علينا بتوع "احد فنادق القاهرة" بقائمتهم التى لا ارى فيها سوى محاولة فرض الرأى على ملايين الاقباط فى زمن لم يعد ذلك من المستطاع. ناهيك عن انتهاك قواعد الذوق و اجراءات الانتخابات الديموقراطية الصحيحة التى تمنع نشرو تسويق مثل هذه المهازل عند اقتراب يوم الانتخابات. لن ارميهم بسوء النية, بل يكفى ان اقول ان امامهم الكثير من المعرفة و الخبرة فى مجال ممارسة الديموقراطية. عملوا زى اللى عمره ما ذاق لحمة, فلما شاف ذراع اخوه عريان هبر فيه!