إعداد/ ماجد كامل
يعتقد الكثيرون أن البابا كيرلس السادس كان رجل صلاة وقداسات ومعجزات فقط ؛ ولم يكن له أي اهتمام بالتعليم والثقافة . ولكن مع القراءة المتأنية لسير وكتابات  بعض علماء الكنيسة القبطية ؛ مثل نيافة الأنبا غريغوروس ( 1919 – 2001 ) والمرحوم الدكتور عزيز سوريال عطية ( 1898- 1988 )   والمرحوم الدكتور سامي جبرة  (  1892- 1979 )   ) والمرحوم الدكتور باهور لبيب ( 1905- 1994 )  والمرحوم الأستاذ زكي شنودة (   1917- 1998 ) نجد أن الراجل لم يكن هكذا تماما ؛ ولكن كان له اهتمام أيضا بالتعليم – خصوصا اللاهوتي والتاريخي والأثري  منه – كما كان يقرب إليه رجال العلم وأهل التخصص كما سوف نري في ذلك المقالة .

ولعل أول ما أستوقفني هو ما جاء في كتاب  " البطريرك الصامت  A Silent Patriarch   تأليف دانييل فانوس Daniel Fanous  ؛ ترجمة أماني فاروق . وفي الحلقة رقم 18 من سلسلة الترجمة الرائعة التي تقوم بها ؛ وعنوان الحلقة هو "كلية حلوان اللاهوتية : أول إصلاح إفخارسيتي  ؛1931 – 1933 " فلقد قالت أنه في يوم السبت 18 يوليو 1931 ؛نال أبونا مينا نعمة الكهنوت  نعمة الكهنوت علي يد الانبا ديمتريوس أسقف المنوفية ( تنيح عام 1950 )  ...... وفي نفس العام بعد رسامته ؛ تم اختيار ابونا مينا للدراسة في كلية الرهبان اللاهوتية التي تأسست حديثا في حلوان . التي تم افتتاحهاا رسميا في 4 مارس 1929 . وكان طلبة المدرسة من الرهبان يدرسون المواد التالية ( علم اللاهوت– العهد القديم – العهد الجديد – ترانيم كنسية وعظات – قانون كنسي –اللغات القبطية – العربية الانجليزية – الفرنسية – اليونانية التوراتية – العبرية – الجفرافيا التوراتية والتاريخ التوراتي – الفلسفة – البلاغة – علم النفس ) . وكان علي رأس قيادة  هذه الكلية القمص ميخائيل مينا ( 1883 – 1956 ) الذي كان بكل المقاييس عبقريا وأبرز علماء اللاهوت في عصره ( لمزيد من التفصيل راجع المرجع السابق ؛ علي الصفحة الخاصة بالدكتور أماني فاروق بتاريخ 19 ديسمبر  2020 ) .

وخلال فترة رهبنته بدير البراموس ؛ تتلمذ علي يد أعلم علماء عصره في الطقوس والآثار . إلا وهو القمص عبد المسيح المسعودي البراموسي الصغير ( 1848 - 1935  ) .

وخلال فترة رهبنة القمص مينا البراموسي في الدير ؛ وأثناء فترة الوحدة في مغارة في الجبل ؛ أهتم  الدكتور حسن فؤاد مدير الآثار الآثار العربية ؛  برفقة باحث أمريكي يعمل عميدا للكلية لاهوتية في نيويورك ؛ بزيارته في مغارته بالجبل ؛ وحدثهم الراهب القس مينا عن تاريخ الرهبنة وعن سيرة آباء البرية ؛ كما قرأ لهم مقتطفات من بعض العظات النسكية ( كان الحوار غالبا باللغة الانجليزية حيث كان  القمص مينا يجيدها بحكم عمله السابق  في شركة شوبينج الإنجليزية للملاحة بالإسكندرية ) .   ولقد أنبهر العالم الأمريكي بعمق ثقافة ومعلومات الراهب الناسك المتوحد  ؛ حتي أنه قال أنه أستفاد من هذا الراهب أكثر من بكثير مما قرأ من الكتب والمراجع القيمة عن الرهبنة القبطية . ولقد شكره الدكتور حسن فؤاد وعانقه قائلا " يا أبي ؛ لقد توجت الرهبان بالفخر وكرمت المصريين ؛ آمل أن  أتمكن يوما ما من إظهار احترامي وتقديري بطريقة عملية وسيأتي ذلك  اليوم في النهاية " ( نفس المرجع السابق ؛ الحلقة رقم رقم 21 ) .

وأثناء فترة رهبنة القمص مينا المتوحد بمصر القديمة أهتم بإصدار مجلة بعنوان " ميناء الخلاص " وكان يكتبها بخط يده ؛ وكان عدد النسخ لا يقل عن خمسن نسخة مكونة من أثني عشر صفحة  ؛ وكانت تصدر شهريا لعدة سنوات ( مينا بديع عبد الملك :- القديس المتجدد .. ذكريات خاصة عن البابا كيرلس ؛ جريدة الدستور ؛ الخميس 5 مارس 2020 ) .

ثم جاءت فترة رسامته بطريركا في 9 مايو 1959 بأسم " البابا كيرلس السادس " وكانت باكورة قراراته هي ضرورة الإستعانة بالرهبان الجامعيين المثقفين في العمل بسكرتارية قداسته ؛  وبالفعل أستعان قداسته بعدد كبير منهم نذكر منهم في حدود ما تمكنت من تذكره وحصره : -

1- نظير جيد روفائيل ( ليسانس آداب تاريخ  ) – الراهب أنطونيوس السرياني – نيافة الأنبا شنودة أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية – قداسة البابا شنودة الثالث نيح الله نفسه في فردوس النعيم .

2- سعد عزيز ( ليسانس حقوق – ماجستير تربية من جامعة برنستون ) – الراهب القمص مكاري السرياني – نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والإجتماعية .

3- عبد المسيح بشارة ( ليسانس آداب لغة إنجليزية – بكالوريوس تربية وعلم نفس الجامعة الأمريكية -   الراهب القمص مكاريوس السرياني – نيافة الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف ) .

4- ميشيل خليل ( بكالوريوس زراعة  ) – الراهب القمص متياس السرياني – نيافة الأنبا دوماديوس مطران الجيزة ) .

5- عزيز شحاتة ( ليسانس حقوق ) -  الراهب بولس المحرقي – المتنيح نيافة الأنبا أغابيوس أسقف ديروط .

6- وهيب عطا الله ( بكالوريوس اكليركية – ليسانس آداب فلسفة – دبلوم معهد الآثار المصرية – دكتوراة في فقه اللغة من جامعة ماننسشتر ) – الراهب باخوم المحرقي – نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا  اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي ) .

7- نبيه لطفي ( بكالوريوس هندسة ) الراهب موسي السرياني – نيافة الأنبا أندراوس أسقف دمياط .

8- كمال حبيب ( ليسانس آداب تاريخ – دبلوم معهد التربية – ماجستير تربية من جامعة برنستون ) – المتنيح الأنبا بيمن أسقف ملوي .         9- رمزي عزوز ( ليسانس اداب تاريخ ) - الراهب شنودة السرياني - الانبا يؤانس اسقف الغربية .      
    
وحول دور البابا كيرلس السادس في  خدمة وتطوير الكلية الإكليركية ؛ يذكر  الراهب القمص باخوم المحرقي ( نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) في الكلمة  الإفتتاحية لمبني الكلية كلية البابا كيرلس السادس اللاهوتية مساء يوم الثلاثاء 31 يناير 1961 ؛ قال فيها من ضمن ما قال " منذ أن تبوأ البابا كيرلس السادس السدة الرسولية وهو يولي الكلية الإكليركية باهتمامه ورعايته باعتبارها المدرسة الللاهوتية الكبري في جميع أقاليم الكرازة ا المرقسية . ومن آيات ذلك ذلك الإهتمام وهذه الرعاية ؛ أنه صرح بأنه لن يسمح برسامة كاهن إلا إذا كان من خريجي الكلية الإكليركية مهما كانت مؤهلاته العلمية والشخصية ......... ( راجع النص الكاملة للكلمة في :- نيافة الأنبا غريغروريوس ؛  التعليم الدنبي والكلية الإكليركية ومدارس التربية الكنسية ؛ جمعية الأنبا غريغريوس ؛ المجلد رقم 36 ؛ الصفحات من 256 – 259 ) .

وجاءت رسامة القمص أنطونيوس السرياني أسقفا للمعاهد الدينية والتربية والكنسية بأسم نيافة الانبا شنودة ؛ والقمص مكاري السرياني أسقفا للخدمات العامة والإجتماعية بأسم نيافة الأنبا صموئيل بتاريخ 30 سبتمبر 1962 ؛ بمثابة نقلة نوعية كبري في تاريخ الرسامات الأسقفية للرهبان الجامعيين ؛ وعن هذه الرسامة قال القمص باخوم المحرقي  في حفل الخريجين الذي أقيم يوم الثلاثاء  1 ديسمبر 1964 ؛ حيث قال من ضمن ما قال " وفي يقيني أن أوسع خطوة خطتها هذه الكلية  قد تمت في عهد قداسة البابا كيرلس السادس يوم أن سام لها أسقفا تقيا عالما  مجملا بالفضائل هو صاحب النيافة الأنبا شنودة . عاش فيها تلميذا فمعلما . وآمن برسالتها تلميذا فمعلما  ..... أن رسامة  أسقف للكلية معناه أن الكنيسة قد احتضنت الكلية بملء يديها وضمتها إلي صدرها وتوجتها بأعلي درجة كهنوتية  ...... يا سيدي ويا أبي الأسقف .. إنك لم تتسلم مسئوليتك من إنسان ؛ وإنما تسلمتها من الله . وقد صرت بحق السيامة لا بحق التعيين خليفة للرسل .... فسر في طريق الكمال مناديا بالدين والعلم معا ؛ يدنا في يدك متساندين متعاضدين متآزرين ؛ والله من السماء يرعانا ويرعاك ؛ ويحمي الكرمة التي غرسها بيمينه ( راجع النص الكامل للكلمة في المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات من 269- 273 ) .

ثم جاءت نقلة نوعية أخري برسامة القمص باخوم المحرقي أسقفا عاما للدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي بتاريخ يوم 10 مايو 1967 بأسم نيافة الأنبا غريغوريوس  ؛ وجاء نص  تقليد الرسامة بعنوان " تقليد لأسقف الدراسات العليا والبحث العلمي "   جاء فيه " في يوم الأربعاء من الخمسين المقدسة الموافق  العاشر من شهر مايو 1967  . أنا كيرلس السادس المدعو بنعمة الله بابا وبطريرك الكرازة المرقسية في كل أفريقيا والشرق الأدني ... رأيت بإرشاد  الروح القدس ؛ وبعد تريث كثير وبحث سيامة الابن المبارك  القمص باخوم عطا الله المحرقي ...... أسقفا عاما باسم الانبا غريغيوروس ليساعدني ويعاونني في قاعدة الكرازة المرقسية في كل ما أعهد إليه أري  قيامه بها ..... ولما كانت علوم الكنيسة كثية ومتشعبة وعميقة وتحتاج إلي جهد دائب وعمل متواصل لدراستها والكشف عنها وسبر أغوارها .... ولما كانت كتبنا الكنسية ومخطوطاتنا القديمة في حاجة إلي مراجعة وتنقيح لترجمتها العربية بأسلوب عربي سليم يطابق  الأصول اليونانية و القبطية التي أخذت عنها  . هذا بالاضافة إلي أننا قد اعتزمنا منذ فنذ زمن  القيام بحركة  تأليف وترجمة  ونشر لتراثنا  القبطي في كافة الميادين اللاهوتية والكنسية والتاريخية والفنية باللغات العربية والأجنبة في صورة بحوث علمية تحليلية  علمية تحليلية  قوية مؤيدة بالأسانيد والوثائق ؛ لدعم العلوم اللاهوتية والدراسات الكنسية والثقافة القبطية ؛ ومد آفاقها وربطها بالعلوم المدنية وحاجات العصر الحاضر . ولما كان الأخ الحبيب الروحي اغريغوريوس الذي صار أسقفا بوضع يدي ومشاركة مطارنة الكنيسة  المقدسة وأساقفتها .... محبا للعلم والمعرفة ويعكف منذ سنوات طويلة علي الدرس والبحث ..... لذا فقد عهدنا إليه بأن يكون مسئولا عن الدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي وما يتصل به لتعميق تلك الدراسات وتدعيمه ونشرها باللغات القديمة  والحديثة .... الخ ( راجع النص الكامل للتقليد في :- السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ الجزء الأول  ؛ الأنبا غريغوريوس قبل رسامته أسقفا  ؛ جمعية الأنبا غريغيوريوس أسقف البحث العلمي ؛ 2011  ؛ الصفحات من 432 ؛ 433  ) .

ولم تقتصر أستعانة قداسته بالأساقفة المتخصصين فقط ؛ وأنما أمتدت أيضا  إلي العلماء العلمانيين المتخصصين ؛  وفي هذا المجال يذكر الدكتور أحمس باهور لبيب في كتابه " الدكتور باهور لبيب ؛ عالم الآثار ؛ قصة كفاح ونجاح " أن معرفة الدكتور باهور لبيب بالبابا كيرلس ترجع إلي أيام كنيسة مارمينا الزهراء بمصر القديمة بل ربما قبل ذلك من أيام الطاحونة . ولقد كتب العالم الألماني  الكبير مارتن كروس في خطاب  أرسله للدكتور أحمس بتاريخ 21 يناير 2008 ؛ ذكر فيه أن البابا كيرلس هو الذي أوحي إلي والدي للقيام بحفائر في منطقة مارمينا  ؛ ولقد بدأ الدكتور باهور العمل في عام 1951 . ( كنت قد ذكرت في مقال سابق أن الراهب مينا المتوحد حاول سكني المنطقة خلال عام 1943 ؛ فتوجه إلي جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية وهناك تقابل مع عالم الآستاذ بانوب حبشي مؤسس الجمعية ؛ غير أن مصلحة الآثار وقتها رفضت طلبه وردت عليه قائلة " نحن لا نتحمل مسئولية حمايتك في هذا المكان " بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وقتها ( لمزيد من التفصيل راجع مقالنا عن الشهيد العظيم مارمينا العجايبي وأشهر أديرته وكنائسه الأثرية في مصر علي صفحة   الأقباط متحدون بتاريخ 25 نوفمبر 2019 ) . ويذكر الدكتور أحمس والده الدكتور باهور قد كتب مذكرة بالاتفاق مع البابا كيرلس بطلب التصريح ببناء الدير علي بعد 2 كيلو من  المنطقة الأثرية . وكان الدكتور باهور يتردد علي الدار البطريركية لمقابلة البابا كيرلس ؛ وكان قداسته يسأله "هل تمت الموافقة ؟"  ؛فأخذ د .باهور يتردد علي مكتب الموظف يسأله عن سبب التأخير ؛ فكان دائما يرد" لسة الوزير ما مضهاش " . وكان باهور  يعلم علم اليقين أن هذا المذكرة راكدة في درج مكتب الموظف ولا يريد إخراجها ؛ لأنه للأسف كان لديه تلك الروح السلبية التي تنخر في قلب بعض النفوس ؛ حتي وصل الأمر إلي قداسة البابا فقال لباهور " روح وأسأله ما سبب التأخير ؟! ؛ فتوجه الدكتور باهور إلي مكتب الموظف ففوجيء به يفتح درج مكتبه ويقول له " هذه هي المذكرة تفضل الوزير مضاها خلاص " . وقام العلماء الألمان بعدها  بالحفائر في المنطقة ؛ وكان قداسة البابا يتردد عليهم بين الحين والآخر ( لمزيد من التفصيل راجع الكتاب السابق ذكره ؛ الصفحات من 221 – 223 ) .

ثم  جاء حفائر المنطقة الأثرية في تل أتريب ناحية بنها ؛ فقام قداسته بتشكيل لجنة  للتنقيب عن آثار كنيسة السيدة العذراء   الأثرية  بتل أتريب  ؛ وقام قداسته  بتشكيل لجنة للبحث مكونة من :-
1- المتنيح نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية وقويسنا :- الرئيس الروحي للجنة .
2- الدكتور باهور لبيب عضو المجلس الأعلي للثقافة والفنون والآداب وعالم القبطيات المعروف :- رئيسا للجنة .
3- القمص  يوحنا عبد المسيح صليب سكرتير اللجنة البابوية لشئون الكنائس :- مقرر اللجنة .
4- الدكتور زكي تادرس الأثري وصاحب معامل الأدوية ناردين سابقا :- أمين الصندوق .
5- الأستاذ وهيب مسيحة بطرس الأثري ومدير شركة مصر للسياحة :- مستشار قانوني للجنة .
6- المهندس ماهر مهني السبكي الأثري وكيل إدارة المنيا بالمنيا :- عضوا .
7- الأستاذ حشمت مسيحة مدير إدارة التفاتيش المصرية بمصلحة الآثار :- سكرتير اللجنة .
8- الأستاذ فيكتور جرجس عوض الله  مدير المتحف القبطي بالنيابة :- عضوا .
9- المهندس رشدي نصيف :- خبير بوزارة العدل :- مساعد لأمين الصندوق .
10- الأستاذ خليل مسيحة جرجس المدرس المنتدب بكلية الفنون الجميلة :- عضوا .
11- الأستاذ منير بسطا دقوق كبير المفتشين بمصلحة الآثار – عضوا .

ولقد أعطي البابا كيرلس قارورة ماء صغيرة بعد أن صلي عليها للدكتور باهور لبيب ؛ وأوصاه أن يرشها في المنطقة المحددة لبداية العمل . ولقد تعاونت هذه  اللجنة مع البعثة البولندية التي بدأت العمل في منطقة آثار أتريب ببنها العسل بناء علي اتفاقية تعاون ثقافي بين مصر وبولندا برئاسة البروفيسر ميكالوفسكي ؛ وعضوية ستة من المعاونين بينهم الدكتورة برباررة زويك عالمة الآثار البولندية ( لمزيد من التفصيل راجع المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 230 ) .

ولقد فكر الدكتور باهور لبيب بترتيب معرض عالمي للقبطيات يقام في فيلا هيجل بأسن بألمانيا بالاتفاق مع عدد من علماء الآثار الألمان ؛ وكان ذلك خلال عام 1963 ؛ فطلب العلماء الألمان ترتيب لقاء مع قداسة البابا كيرلس السادس ؛ ولقد لاحظ العلماء الألمان أن قداسته  يملك زيا كهنوتيا أهداه إليه الإمبراطور هيلاسلاسي ؛ فطلب  البروفيسور هندهوسن رئيس الجنة من باهور لبيب أن يستأذن قداسة البابا في مدي  أمكانية  إعطاء هذا الزي لعرضه ضمن مقتنيات المعرض ؛ فرد البابا علي الطلب بالموافقة ؛ وعقب الخروج من اللقاء عقب البروفيسور  هندهوسن للدكتور باهور لبيب عن مدي تعجبه من سماحة قداسة البابا حتي  أنه وافق علي الطلب فورا بدون   طلب أي ضمانات للمحافظة علي الزي ؛ أو حتي وصل  بالتسليم والاستلام . وأثناء اللقاء ؛ طلب باهور لبيب ضم القمص باسيليوس إبراهيم المعين بالمتحف القبطي أن يكون من ضمن الوفد المرافق للمعرض ؛ فوافق قداسته علي الفور ؛ كما وافقت الحكومة المصرية علي الطلب ( لمزيد من التفصيل راجع :- أحمس باهور لبيب :- الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 231 ) .

ولقد كان من بين أعضاء الوفد من العلماء الألمان الذين حظوا بمقابلة قداسة البابا  كل من :-
1- البروفيسور هندهوسن رئيس اللجنة المشرفة علي المعرض .
2- البرفيسور فولباخ أستاذ الآثار القبطية بالجامعات الألمانية .
3- الدكتور كراوس عالم القبطيات العالمي المشهور .
4- الدكتور مولر – فينر رئيس المعهد الألماني للآثار الشرقية ؛ ولقد كان هو المهندس المشرف علي حفائر منطقة مارمينا .
5- البروفيسر روميرو ( لم أعثر علي أي تعريف به ) .
6- البروفيسور افرس أستاذ الهندسة والفن في جامعة دارمستاد .

ولقد حضر اللقاء من العلماء المصريين :- الدكتور مراد كامل (1907 -1975 ) ؛ والدكتور باهور لبيب  ؛ والقمص باسيليوس إبراهيم  ( وكيل مطران الجيزة ؛ ولقد  أنتدب موظفا في المتحف القبطي للاستفادة  بخبرته في المخطوطات القبطية ) . ( راجع أحمس باهور لبيب :- المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات  من 231 – 240 مع مجموعة رائعة من الصور التي تصور هذه الزيارة الهامة ) .

ومن ضمن الجهود الثقافية التي قام بها البطريرك القديس البابا كيرلس أيضا ؛ هو إصدار قرار بإنشاء لجنة لترجمة الكتاب المقدس ترجمة عربية حديثة ؛ فكلف قداسته نيافة الأنبا غريغوريوس بتشكيل لجنة للقيام بهذه المهمة :- وبالفعل تشكلت اللجنة وتكونت من :-

1-نيافة الانبا غريغوريوس رئيسا للجنة .
2-الدكتور باهور لبيب عضوا .
3-الدكتور مراد كامل عضوا .
4-الأستاذ زكي شنودة عضوا .
5-الأستاذ حلمي مراد المشرف علي مشروع "كتابي " عضوا .

وحول الذكريات عن هذا  اللجنة ؛ يروي الأستاذ زكي شنودة في الكتيب الذي أصدره بعنوان "ذكرياتي مع البابا كيرلس السادس " ؛ أنه كان يراجع ترجمة نصوص الأناجيل وتفسيرها مع نيافة الأنبا غريغوريوس ؛كذلك الترجمات العربية والإنجليزية والفرنسية واليونانية والألمانية والعبرية والقبطية . ويضيف المستشار زكي شنودة  إننا وضعنا لأنفسنا قاعدة أننا إذا وجدنا أي اختلاف في أي عبارة  في أي نص من النصوص ؛ نلجأ فورا إلي الترجمة القبطية ؛ ونعتمد عليها اعتمادا كاملا . لأن الترجمة القبطية في الواقع تضاهي الأصل اليوناني مضاهاة كاملة ( راجع الكتيب السابق ذكره ؛ صفحة 15 ) .

أما عن علاقته  بالدكتور سامي جبرة عميد معهد الدراسات القبطية  ؛ ارتبط قداسته بمعهد الدراسات القبطية وشمله بكل حب ورعاية  ؛ منذ سيامة أسقف متخصص للمعاهد الدينية ( نيافة الأنبا شنودة قداسة المتنيح البابا شنودة الثالث فيما بعد ) . ثم نيافة الأنبا غريغوريوس . وفي فترة عمادة الدكتور سامي جبرة للمعهد ؛ تقابل قداسته  مع نيافة الانبا غريغوريوس  ؛ والدكتور سامي جبرة ؛ والدكتور راغب مفتاح رئيس قسم الموسيقي القبطية ؛ وتم اللقاء في المقر البابوي بتاريخ يوم 4 نوفمبر 1968 ( أنظر صورة اللقاء ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) . ولقاء آخر بأسرة  المعهد بالكامل في نفس اليوم غالبا ولقد حضر اللقاء كل من  نيافة الأنبا غريغوريوس ؛ الدكتور سامي جبرة ؛ الدكتور شفيق عبد الملك ؛ الأستاذ شاكر باسيليوس مع مجموعة أخري من صفوة أساتذة المعهد في ذلك الوقت .

ولقد كان قداسته بصفة عامة سابقا لعصره في التفكير في كيفية الحفاظ علي الآثار القبطية ؛ ففكر في تأسيس لجنة للحفاظ علي الآثار القبطية ضمت مجموعة رائعة من صفوة الخبراء في مجال الآثار والترميم نذكر منهم ( الدكتور باهور لبيب – الدكتور خليل  مسيحة – المهندس رشدي نصيف – الدكتور حشمت مسيحة ( خالص الشكر للمهندس داود خليل نجل العالم الكبير الدكتور خليل مسيحة لتفضله بتزويدي بهذه المعلومة الهامة ؛ فله مني جزيل الشكر ) . ولقد التقطت صورة نادرة أكثر من رائعة لهذه اللجنة ( أنظر الصورة ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة  )   . ولقد كان من بين أعضاء اللجنة الذين تمكنت من التعرف عليهم ( نيافة الأنبا غريغوريوس – الدكتور سامي جبرة – الدكتور شفيق عبد الملك – الأستاذ يوسف نصيف – الأستاذ شاكر باسيليوس – الفنان أنيس رزق الله من قسم التصوير الفوتغرافي بالمعهد - الفنان راغب مفتاح من قسم الموسيقي القبطية  – الدكتور جورج ميشسل من قسم الدراسات الأفريقية بالمعهد -  الفنان الكبير أيزاك فانوس من قسم الفن القبطي – الدكتور أمين حكيم   - ( القمص غبريال أمين أول كاهن قبطي  يخدم في الولايات المتحدة في حدود معلوماتي – وطبعا طبعا طبعا علي رأس الصورة البابا كيرلس السادس -  وآخرون لم اتمكن من التعرف عليهم ) . وللأسف الصورة غير مكتوب عليها التاريخ .

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-نيافة الأنبا غريغيوروس :- التعليم الديني  والكلية الإكليركية ومدارس التربية الكنسية ؛ جمعية الأنبا غريغوريوس ؛ المجلد رقم 36 ؛ الطبعة الأولي 2011 ؛ صفحات متفرقة من الموسوعة ) .

2-أماني فاروق :- ترجمة كتاب البطريرك الصامت A Silent Patriarch ; Kyrillos V1 (1902 – 1971) Life and Legacy  , Book by Daniel Fanous وذلك علي صفحتها الشخصية علي الفيس بوك ( لسيادتها جزيل الشكر حيث أنها سمحت لي بالاستعانة بترجمتها الدقيقة في كتابة المقالة ) .

3- القمص صموئيل تواضروس السرياني :- تاريخ باباوات الكرسي الإسكندري ( 1809 – 1971 ) مع موجز لمعاصريهم من أساقفة الأقاليم ؛  مطبوعات دير السريان ؛ الطبعة الثانية ؛ 2002 ؛ تنقيح ومراجعة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان ؛ الجزء الخاص بالبابا كيرلس السادس ؛ الصفحات من ( 168 – 197 ) .

4- :- السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ الجزء الأول  ؛ الأنبا غريغوريوس قبل رسامته أسقفا  ؛ جمعية الأنبا غريغيوريوس أسقف البحث العلمي ؛ 2011  ؛ الصفحات من 432 ؛ 433  ) .

5- أحمس باهور لبيب :- الدكتور باهور لبيب عالم الآثار قصة كفاح ونجاح ؛ الطبعة الأولي 2009 .

6-زكي شنودة :- ذكرياتي مع البابا كيرلس السادس ؛ مطبعة الأخوة المصريين ؛ 1994 ؛ الصفحات من ( 11- 16 ) .