الأنبا مكاريوس
هناك علاقة بين الصوم والإدانة، فقد أشار الآباء إلى أن الصوم والصلاة والصدقة تضع الإنسان في حالة سامية تنعكس في نعمة على وجهه، فإذا سقط في تلك الخطية (أي الإدانة) فقد سقط من السمو وفقد تلك النعمة.

هذا ماأفادنا به أحد الآباء حين لاحظ غياب النعمة عن وجه أخيه، فلما تحقق منه علم أنه أدان زميله لأنه لم يحفظ الصوم، وبعد جهاد لمدة أسبوعين عادت إليه من جديد.

كما ربط الآباء بين صوم الفم وصوم اللسان وصوم القلب، أي الطعام وكلام الإدانة وفكر الإدانة، فقال أنبا بطرا: "الإمساك الذي هو أفضل من إمساك البطنِ، والذي يجب أن تغصبَ نفسَك إليه هو هذا: أن لا تأكلَ لحمَ إنسانٍ ولا تشربَ دمَه بالوقيعةِ".

وقال أحدهم للآخر: "أنا لم أذق اللحم مدة ثلاثين سنة"، فأجابه رفيقه: "أو لم تأكل لحم أخيك نيئًا، أقصد إدانته؟"

كذلك فان الصوم والصلاة ينقّيان النفس فتستنير، وترى بالأحرى عيوبها، وتكتشف الخشبة التي في العين، ومن ثَمّ تغضّ الطرف عن القذى الذي في أعين الآخرين. كما يربط الآباء بين الصوم والتوبة والجلوس في الرماد وتبكيت النفس، هكذا قال القديس أنطونيوس: "اِلزم خطاياك كمن عنده ميت"، وقال: "من ذا الذي يترك ميته فيذهب ليبكي ميت غيره؟!".

أمر آخر يربط بين الصوم والإدانة وهو الشفقة والإحسان، واللتان نتغنّى بهما طوال الصوم. ومن بين مظاهر الشفقة هو أن نرثي لضعف الآخرين ونلتمس لهم العذر، إنه شكل من أشكال البذل أيضًا.

وبسبب اهتمام الإنسان -ولا سيما في موسم التوبة الهام هذا- بخطاياه ليتنقى منها، فإنه يبعد تلقائيًا عن تتبُّع خطايا الآخرين، يشير الأنبا أنطونيوس إلى تلك العلاقة بقوله: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الآخرين"
نيافة الخبر الجليل أنبا مكاريوس
اسقف المنيا وتوابعها