أحمد الخميسي 
أقر مجمع اللغة العربية في القاهرة صحة العديد من الكلمات التي تجري في حياتنا اليومية، ومن ذلك كلمة " فيسبوكي" للإشارة إلى الشخص المنتسب للموقع، وجمعها " فسابكة" وأيضا كلمة " فسبكة "، وكلمات أخرى مثل " تأبيدة " بمعنى الحكم بالسجن مدى الحياة، ونحو خمسين كلمة أخرى كانت تعد عامية مصرية. وفي فبراير هذا العام أقر كلمة تثاقف بمعنى تبادل الثقافات.
 
وقد تأسس مجمع اللغة في ديسمبر عام 1932 عهد الملك فؤاد الأول، وبدأ عمله في 1934، باسم " مجمع فؤاد الأول للغة العربية" ونص مرسوم انشائه على أن يكون نصف أعضائه من المصريين والنصف من العرب والمستشرقين بهدف الحفاظ على اللغة العربية وإعداد المعاجم، وكان طه حسين رئيسا له من سنة 1963 حتى 1973. وأثار إقرار تلك الكلمات الجديدة السؤال عما إن كانت المعاجم الجديدة كفيلة بحل مشكلة المسافة بين العامية والفصحى.
 
وهنا يجدر ملاحظة أن النقاش داخل المجمع لإقرار كلمات جديدة - كما يتضح من صفحة المجمع – يسترشد بالتساؤل عما إن كان للكلمة أصل في اللغة الفصيحة أم لان وإن كانت قد وردت في معاجم سابقة أم لم ترد. ومعنى ذلك أننا لا ننظر إلى الحياة لكن إلى الكتب والقواميس التي تشكلت لغتها في حياة سابقة، وبداهة فإن كلمة مثل تلفزيون و" تلفزة" لم ترد في مختار الصحاح ولا لسان العرب، ولا كلمة مثل " فيديو" وغيرها مما أسفرت عنه حياتنا المعاصرة المختلفة.
 
وعندما نحاول الحفاظ على لغتنا – وهذا ضروري للغاية – فإن علينا أن نقوم بإنعاشها بمفردات الحياة الجديدة، كما أن علينا أن نعترف بتلك المفردات لكي تكتسب مشروعية وتدخل إلى معاجم اللغة ويصبح استخدامها سليما.
 
من ناحية أخرى فإن مجمع اللغة العربية مشكورا يحاول ملاحقة التطور العلمي والثقافي، لكن المجمع بمفرده لن يتمكن من الحفاظ على اللغة، لأن التعليم هو الجبهة الأولى والثانية والثالثة في تلك المعركة، فإذا أردنا أن نصون لغتنا وجب علينا أن نعيد النظر في مناهج تدريس اللغة في المدارس، خاصة ما يتعلق بالجانب الأدبي، حيث يدرس التلاميذ قصائد من نوع قصيدة النابغة الذبياني : " أتاني أبيت اللعن أنك لمتني.. وتلك التي أهتم منها وأنصب"، فيظل التلميذ يلعن الذبياني والمدرسة واللغة ما تبقى له من عمر، بينما ينبغى لنا أن نبدأ في المدرسة بقصائد حديثة سهلة تعقبها قصائد الشعر العربي القديم.
 
أيضا مطلوب أن نعيد النظر في قواعد النحو العربي الذي جعل اللغة العربية رابع أصعب لغة في العالم بعد الصينية والكورية واليابانية، وعلى سبيل المثال فإننا مازلنا نستخدم صيغة المثنى، بينما مرت معظم اللغات بتلك الصيغة ثم شطبت عليها في تطورها مثلما فعلت اللغة الروسية وغيرها، ولا بأس بالمرة من تشكيل لجنة لمراجعة اللغة الحكومية الخاصة بلافتات الشوارع قبل إجازتها لأن تلك اللافتات أمست قلعة شامخة لأخطاء اللغة العربية.
 
وإلى جانب تعديل مناهج التعليم تتبقى مشكلة وسائل الاعلام والأدب، وقد كتب في ذلك العميد طه حسين قائلا : " إحسان العربية يفرض على الكاتب الشاب والشيخ ألا يُذكّر المؤنث ولا يؤنث المذكر.. فإن فعل غير ذلك فليس من الأدب في شيء.. وإني ليحزنني أن أقول إن كثيرا من كتّابنا ومن كتاب يرون أنفسهم كبارا يتورطون من هذا كله في شر عظيم، ولو شئت لضربت لذلك أمثالا يخجل لها أصحابها من الشيوخ والشباب جميعا ".