ياسر أيوب
حكاية قديمة جرت وقائعها منذ 59 عاما ورغم ذلك لا تزال صالحة للكتابة والقراءة والتأمل والتوقف أمام صاحبها بكثير من التقدير والاحترام .. وصاحب الحكاية هو اللواء جمال حارس الذى تخرج من الكلية الحربية 1945 والتحق ضابطا بسلاح الفرسان ..
 
وضمه محمد طاهر باشا رئيس الاتحاد المصرى للفروسية فى 1949 لمنتخب مصر .. وجاء المدرب الفرنسى الكولونيل لافارج لتدريب المنتخب المصرى أو إعادة تشكيل منتخب فروسية حقيقى لمصر ..
 
وكان جمال حارس أحد القليلين الذين اختارهم لافارج لهذا المنتخب الجديد اقتناعا بموهبته وقدرته وفروسيته شكلا ومضمونا .. ومع جمال حارس سافر محمد سليم زكى ومحمد خيرى فى 1952 إلى هلسنكى للمشاركة فى دورتها الأوليمبى لأول مرة فى تاريخ الفروسية المصرية .. وتوالت انتصارات وبطولات جمال حارس وكان أكبر انتصاراته كفارس مصرى هو فوزه بسبع ميداليات فى ألعاب المتوسط فى بيروت 1959 ..
 
وأجمل انتصاراته كقائد لمنتخب الفروسية المصرى كان الفوز بالمركز الرابع فى دورة روما الأوليمبية 1960 بمشاركة محمد سليم زكى وعمر الحضرى وعلوى غازى .. وبعد أربع سنوات .. سافر منتخب الفروسية المصرى إلى باريس ليواصل منها السفر إلى طوكيو للمشاركة فى دورة طوكيو الأوليمبية 1964 .. وفى باريس .. فوجىء جمال بالسفير المصرى فى باريس ينقل إليه رسالة طلعت خيرى وزير الدولة للشباب التى يطلب فيها ضمانا وتعهدا من جمال حارس بحصول المنتخب على ميدالية أوليمبية فى طوكيو ..
 
ولم يستطع جمال حارس تقديم مثل هذا الضمان والوعد .. فقد كان يعرف أن المنتخب المصرى لا يزال ينقصه الكثير للفوز بهذه الميدالية الأوليمبية .. ولهذا قرر جمال حارس العودة مع زملائه فى المنتخب إلى القاهرة بدلا من السفر إلى طوكيو .. فلم يشأ بأخلاق الفرسان أن يكذب أو يخدع الوزير وأى مسئول آخر بوعد زائف هو أول من يعرف أنه لن يتحقق .. وطالما أن الوزير يشترط الفوز بميدالية مقابل السفر والمشاركة الأوليمبية ..
 
فالأفضل هو العودة إلى القاهرة .. وبالفعل عاد منتخب الفروسية المصرى ولم يشارك فى دورة 1964 .. فجمال حارس قال لا .. قال لا وهو مجرد فارس فى الفريق وليس مدربا له أو مديرا وليس رئيسا أو مسئولا فى اتحاد الفروسية قد ينتظره عقاب أو حتى عتاب إن عاد إلى القاهرة بدون انتصارات وميداليات .. قال لا وهو مجرد فارس قد يتعرض لعقاب من وزير أو اتحاد أو استبعاد من المنتخب لأنه اتخذ قرارا ليس من سلطاته بعدم المشاركة فى الدورة الأوليمبية .. قال لا لأنه لم يشأ المشاركة فى مسرحية أوليمبية رديئة تشهدها مصر كل أربع سنوات بنفس النص والإخراج مهما تغيرت وجوه الممثلين واسماؤهم
 
وألعابهم .. ويمكن لمن يريد مراجعة الأرشيف الصحفى الرياضى المصرى ليعرف كم الوعود الكاذبة الى قدمتها اتحادات ومسئولون ومدربون ولاعبون يطلبون الدعم للعودة من الدورة الأوليمبية بالميداليات .. ويعود هؤلاء بدون ميداليات دون أن تؤرقهم ضمائرهم أو يحاسبهم أحد لأن ليس فيهم فارس مثل جمال حارس
نقلا عن المصرى اليوم