تقرير رسمي كشف تسيبا وخسائر فادحة.. والكويت تعرض المساهمة في القناة الاخبارية الجديدة
'بداية البث الرسمي 12 كانون الاول (ديسمبر) 1990، ساعات البث 24 ساعة يوميا دون إعادة. 97% من البرامج من الإنتاج الخاص بالقناة والباقي منتقى من برامج الأولى والثانية والقنوات الإقليمية المصرية. تبث على تسعة أقمار صناعية تغطي جميع دول العالم . القناة الفضائية العربية المفضلة لدى المشاهدين المصريين والعرب كما ظهر في أكثر من استفتاء'.
هكذا تقدم القناة الفضائية المصرية نفسها على موقعها في الانترنت، وان كانت لا تحدد الاستفتاءات التي منحتها هذه المكانة، الا ان تقريرا للجهاز المركزي للمحاسبات صدر مؤخرا يرى الاوضاع (اقل وردية) في التلفزيون المصري بما فيه القطاع الفضائي.
ويشير التقرير الى عجز مقداره 1.1 مليار جنيه (196 مليون دولار) في ميزانية العام المالي الاخير والتي بلغت نحو ثمانية مليارات جنيه (مليار و428 مليون دولار)، ويرده الى عمليات اهدار اموال واسعة تجري دون حسيب او رقيب من وزارة الاعلام.
وما لا يقوله التقرير ان المحسوبية والفساد هما القاسم المشترك الاعظم لاسباب هذه الخسائر الفادحة التي يحملها التلفزيون لميزانية الدولة.
ومن امثلة الاهدار انفاق نحو ثلاثمائة مليون جنيه على 22 مسلسلا يجري عرضها على مختلف القنوات التابعة للتلفزيون المصري، بخلاف ما انفق لشراء مسلسلات اخرى، في عام شهد اثارا قاسية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصري.
ويأمل التلفزيون ان يحقق نحو مائة وخمسين مليون جنيه (26.78 مليون دولار) كعائدات للاعلانات في رمضان، رغم ان قنوات اخرى مثل ام بي سي السعودية تتجه لتحقيق مائتي مليون دولار في الفترة نفسها، وربما فداحة الاهدار مع فشل اغلب المسلسلات التي انتجها التلفزيون في جذب المشاهدين خلال رمضان، ما يعني انها لن تلقى رواجا في السوق الفضائية وبالتالي لن تحقق من العائدات ما يغطي تكاليف انتاجها.
ويعدد الجهازالمركزي للمحاسبات الذي لا تعير الحكومة تقاريره اهتماما كبيرا رغم انه يتبع رئيس الجمهورية، وجوها عديدة للتسيب واهدار الاموال منها اهمال تأجير الاستوديوهات والاستعانة بأطقم تصوير خارجية رغم مخالفة ذلك للقوانين، وكذلك خسارة ملايين الجنيهات في المساهمة بحفلات تجارية .
ويقول مصدر مسؤول في التلفزيون ان احمد انيس رئيس اتحاد الاذاعة والتلفزيون ينفذ اوامر وزير الاعلام، الذي يجب ان يتحمل المسؤولية القانونية والسياسية عما يحصل في التلقزيون.
ويضيف' لا احد يجرؤ على الكلام لانهم اشاعوا ان ما يحدث داخل التلفزيون مرتبط بتوجيهات عليا ترتبط بسيناريو التوريث'.
وكان وزير الاعلام قال في برنامج بالفضائية المصرية ' ان وظيفة وزارة الاعلام هي التخديم على سياسة الحكومة عبر البرامج التلفزيونية، وان هذا الامر مرتبط بالسيادة والامن القومي للبلاد'.
ولأنه 'جهاز سيادي' فان التلفزيون يتمتع بميزانية مفتوحة لا ترتبط بحالة الاقتصاد، كما انه يخضع لقوانين السرية الصارمة التي قد تجعل محاسبة المسؤولين عن الاهدار مؤجلة الى اشعار اخر.
وبالرغم من الزعم الرسمي في موقع القناة المصرية بأنها المفضلة لدى المصريين والعرب، فان احصائيات منشورة في صحف مستقلة مصرية اشارت الى ان عشرين بالمئة فقط من المصريين يتابعون التلفزيون المصري، بينما يفضل الثمانون بالمئة القنوات الفضائية المتعددة التي اصبحت في متناول الجميع دون استثناء بعد اختراع 'الوصلة' التي تجعل حتى اولئك الذين لا يملكون اطباقا لاقطة قادرين على مشاهدة عشرات القنوات الفضائية مقابل اشتراك شهري لايتجاوز اربعة دولارات.
ويتوقع المصدر تفاقم العجز في ميزانية التلفزيون العام المقبل مع اطلاق القناة الاخبارية الجديدة التي تتمتع بميزانية مفتوحة، وينظر اليها باعتبارها 'السلاح المصري الجديد' في الحرب الفضائية الاقليمية. وكان مسؤولون في التلفزيون اكدوا انها ستركز على الاوضاع الاقليمية ، ولن يتجاوز الشأن المصري خمسة في المئة.
ويشير المصدر الى 'حرب تكسير عظام' بين مسؤولين كبار في التلفزيون للسيطرة على القناة الجديدة بسبب المبالغ الهائلة التي تنفق في التحضير لاطلاقها.
ويؤكد ان مؤسسة اعلامية كويتية مدعومة من الاسرة الحاكمة في الكويت عرضت المساهمة بأربعمائة مليون جنيه في ميزانيتها، الا ان التلفزيون المصري رفض العرض.
ويتوقع اعلامي مخضرم ان تفشل القناة الجديدة طالما انها ستظل محكومة بالخطوط الحمراء نفسها التي تحكم الاعلام الحكومي المصري، معللا ذلك بأنها ستبقى انعكاسا للنظام السياسي ومدى ما يسمح به من حريات.
وحتى اشعار اخر يبدو ان التلفزيون المصري مرهون لثقافة الاهدار وتعليمات 'الجهات العليا' والاجندة السياسية 'السرية' لكن من نوع 'محطة المطار السري'. |