في أقل من أسبوع انهارت 3 بنوك أمريكية بأصول تبلغ قيمتها 333 مليار دولار، وأعلنت السلطات دعمها للمودعين فيما أعرب محللون عن قلقهم حول الخطوة التي سيتخذها الفدرالي حيال سعر الفائدة.

 
أعلن المنظم المصرفي في ولاية نيويورك في 12 مارس الجاري إغلاق "سيغنتشر بنك" ووفقا لوكالة "بلومبرغ" فإن القرار جاء بمثابة مفاجأة لكبار مديري البنك ولكن ليس للسلطات المالية الأمريكية.
 
وعلى الفور أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) بيانا مشتركا يحدد إجراءات حماية المودعين في "سيغنتشر بنك" و"سيليكون فالي" وشبهت وسائل الإعلام الأمريكية مجريات الأحداث الراهنة بالأزمة التي حدثت في العام 2008.
 
ما أهمية البنوك المنهارة؟
1. "سيلفرجيت"
قدرت أصول بنك "سيلفرجيت" بـ11 مليار دولار، وينشط البنك في العمل مع بورصات العملات الرقمية ومشاريعها، وفي نهاية عام 2022 كان لدى البنك حوالي ألف عميل من ينشطون في قطاع العملات الرقمية.
 
كما أصدر البنك قروضا مضمونة بأصول رقمية وأثار انهيار "سيلفرجيت" تساؤلات من وزارة العدل الأمريكية حول مدى علاقة ما يحدث بإفلاس بورصة العملات المشفرة FTX.
 
2. "سيليكون فالي"
يعد بنك "سيليكون فالي" أكبر مقرض للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة، وفي نهاية العام الماضي احتل البنك المركز السادس عشر في ترتيب البنوك من حيث قيمة الأصول في الولايات المتحدة بأصول بلغت 212 مليار دولار.
 
وقدرت قاعدة ودائع البنك بـ 324 مليار دولار، وفي 8 مارس الجاري زاد عملاء البنك من عمليات السحب للودائع بشكل حاد وفي ظل ذلك اتخذ البنك إجراءات طارئة وأعلن عن إصدار إضافي للأسهم "لتقوية الميزانية العمومية" لكن الخطوة جاءت بنتائج عكسية، إذ انهار سهم البنك بأكثر من 60%، وفي اليوم التالي أعلن المنظم المصرفي في كاليفورنيا إفلاس البنك ووضعه تحت الإدارة الخارجية.
 
وترتبط مشاكل "سيليكون فالي" أيضا بالخسائر الناجمة عن انخفاض قيمة محفظة الأوراق المالية (استثمار البنك أموالا في سندات انخفضت قيمتها مع ارتفاع أسعار الفائدة).
 
ينشط "سيغنتشر بنك" في نفس المجال الذي عمل فيه "سيليكون فالي"، حيث استثمر في الأصول الرقمية أيضا. وبلغت أصول البنك في نهاية العام الماضي نحو 110.36 مليار دولار، وبلغ حجم الودائع المستقطبة 88.59 مليار دولار.
 
وبحسب وكالة "بلومبرغ" فقد واجه البنك أيضا صعوبات بسبب سحب عملاء لودائعهم، لكن وضعه كان مستقرا حتى موعد الإفلاس.
 
أسباب تعثر البنوك الثلاثة:
نشأت المشاكل في النظام المصرفي الأمريكي بسبب الزيادة القوية في أسعار الفائدة الرئيسية في الولايات المتحدة، بحسب ما يراه إيغور غيراسيموف المحلل لأسواق الأوراق المالية الدولية في BCS World of Investments.
 
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد بدأ برفع أسعار الفائدة في مارس 2022 لمكافحة التضخم المتزايد، ووصل المعدل في مطلع فبراير الماضي إلى أعلى مستوى له منذ 2007 عند 4.5%-4.75% سنويا.
 
وبحسب الخبير فإن نمو أسعار الفائدة في الاقتصاد له تأثير سلبي على تكلفة سندات طويلة الأجل، حيث لم يعد عائدها جذابا وهذا ما حدث مع "سيليكون فالي بنك" و"بنك سيناتشير"، إذ فضل المستثمرون الاستثمار في سندات قصيرة الأجل على الودائع لذلك بدأوا في سحب أموالهم من البنكين.
 
وسيخضع "سيليكون فالي بنك" و "بنك سيناتشير" لإعادة التنظيم، حيث سيتم تحويل الودائع المفتوحة فيهما إلى البنوك المنشأة حديثا والتي سيكون مشغلها هو مؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC).
 
كما سيطلق الاحتياطي الفيدرالي برنامج التمويل المصرفي الأجل (BTFP) الذي يهدف إلى حماية المؤسسات المالية المتأثرة بانهيار "سيليكون فالي بنك"، والحديث يجري حول منح هذه المؤسسات قروضا لمدة تصل إلى عام واحد بضمان أوراق مالية عالية الجودة.
 
ومن خلال هذه الخطوة ستكون البنوك والمؤسسات المالية الأخرى قادرة على تلقي السيولة دون اللجوء إلى بيع الأوراق المالية من ميزانيتها العمومية بخسارة. سيتم تغطية الآلية بضمانات بقيمة 25 مليار دولار ستقدمها وزارة الخزانة الأمريكية.
 
هل سيرفع الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة؟
يرى الخبير غيراسيموف أن الفدرالي الأمريكي لن يستمر برفع سعر الفائدة مستقبلا، ويوضح الخبير قائلا إن "المشاكل في القطاع المصرفي الأمريكي سببها ارتفاع أسعار الفائدة، لذلك من المهم أن تفهم الأسواق كيف سيتصرف الاحتياطي الفيدرالي".
 
وتابع قائلا: "علينا أن نفهم أن الثغرة في النظام المصرفي، أي الخسارة المحتملة من انخفاض قيمة الأوراق المالية في الميزانيات العمومية للبنوك، تقدر بالفعل بنحو 620 مليار دولار. ومع رفع أسعار الفائدة ستزداد الفجوة. لذلك سيضطر الاحتياطي على الأرجح إلى التوقف عن تشديد السياسة النقدية بقوة أو القيام بذلك بوتيرة أقل".
 
ونظرة الخبير غيراسيموف يشاركها العضو المنتدب لمؤسسة "غازبروم بنك" إيغور سوسين، حيث يرى أن الوضع الحالي يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب، إذ لا تزال المخاطر التضخمية قائمة لكن من ناحية أخرى هناك مسألة الحفاظ على الاستقرار المالي.
 
ويعتقد المحلل سوسين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتخذ قرارا لصالح تخفيف السياسة النقدية.
 
ووفقا لوكالة "بلومبرغ" فقد قام اقتصاديو بنك الاستثمار "غولدين ساكس" بتعديل توقعاتهم حول سعر الفائدة، حيث قلصوا توقعاتهم بمقدار 25 نقطة أساس عن التوقعات التي تم إصدارها قبل أسبوع.