حمدى رزق
نهاية سعيدة لقصة حزينة، أمرت نيابة شمال القاهرة الكلية (الرحيمة) بتسليم الطفل «شنودة» (مؤقتًا) إلى السيدة آمال إبراهيم التى عثرت عليه، كـ«عائل مؤتمن»، بعد أن أخذت النيابة تعهدًا عليها بحسن رعايته والمحافظة عليه، وعدم تعريضه للخطر، وكلفتها باستكمال إجراءات كفالته وفقًا لنظام «الأسر البديلة».
النيابة استطلعت رأى مفتى الجمهورية، الدكتور «شوقى علام»، فى ديانة الطفل شنودة، فى ضوء ملابسات التحقيق، وأصدر فضيلته فتوى بأن يتبع الطفل ديانة الأسرة المسيحية التى وجدته وفق آراء فقهية مفصلة.
وبلغت النيابة الرحيمة ألقها وهى تخاطب «المجلس القومى للأمومة والطفولة» باتخاذ الإجراءات القانونية نحو إعادة تسمية الطفل باسم رباعى اعتبارى مسيحى لأب وأم اعتباريين مسيحيين فى ضوء ما انتهت إليه التحقيقات.
هذا هو تجلى القرار الإنسانى الرحيم الذى تمنيناه وحدث، تغليب مصلحة الطفل أولًا عما سواها، المهم أن ينشأ الطفل شنودة فى أسرة كريمة ترعاه وتوفر له الحماية، والسيدة «آمال إبراهيم»، التى كفلته فى المهد لحمًا طريًّا واحتضنته وسهرت على راحته، خير مؤتمن.
النيابة مشكورة لجمت فتنة رخيصة عمل عليها متبضعو الأزمات الطائفية داخل وخارج الحدود، أطفأت نارًا كانوا يعدونها لحرق السلم المجتمعى، تخيل يا مؤمن قضية الطفل شنودة وصلت إلى الكونجرس الأمريكى ومجلس العموم البريطانى، على أيدى تجار الأزمات المصرية، وكانوا يعدون العدة لشرشحة مصر فى المحافل الدولية.
مستوجب تحية تقدير واحترام لفضيلة مفتى الجمهورية، الدكتور «شوقى علام»، الذى سوغ باجتهاد شرعى معتبر عودة الطفل إلى أسرته البديلة، بتوصية شرعية واجبة ارتكنت لها باطمئنان النيابة التى استفتت فضيلته فأفتاها شرعًا بما لا يخالف شرع الله.
ومستوجب الشكر للقائمين على مركز الأزهر للفتوى، والذين أفادوا بمثل ما أفاد به فضيلة المفتى، فى سماحة ليست مستجدة على المراجع الإسلامية المصرية.
المؤسسة الدينية الرسمية تعطى درسًا فى التسامح الدينى، الذى هو عنوان دين الرحمة فى تناغمه الحميد مع دين المحبة، الرحمة والمحبة صنوان.
والشكر موصول لهيئة النيابة العامة ورأسها المستشار المقدر «حمادة الصاوى»، الذى يطبق عنوان «محامى الشعب» كأفضل تطبيق يتسم بالرحمة وإرساء القيم الأخلاقية فى القضايا المنظورة وبيانات النائب العام فى القضايا المنظورة التى تستقطب اهتمام الرأى العام، كنموذج ومثال لرسالة النيابة فى تحقيق العدالة الناجزة.
قضية الطفل شنودة حظيت بتعاطف شعبى راقٍ تعبيرًا عن مكون حضارى لشعب عنوانه التسامح، عطفة الطيبين المسلمين قبل المسيحيين كانت تحيط بالطفل وترعاه، ودعوات الطيبات فى قعور بيوتهن المباركة بعودته إلى أسرته كانت تصل ما بين السماء والأرض.
تبقى فى قائمة الشكر، وفى مقدمتها، السيدة «آمال إبراهيم» فعلًا ما ضاع حق وراءه مطالب، السيدة ناضلت بقلب الأم المؤمن بعدالة قضيتها من أجل عودة «ابنها» إلى أحضانها، ولم تدخر دمعًا ولا وسعًا ولا جهدًا ولا وقتًا وهى تستصرخ الضمائر الحية من أجل عودة شنودة إلى حضنها متسلحة بجهود نفر من المحامين المقدرين فى تجلية الحقيقة التى لفها تشكيك رهيب، انتصرت بالحق، وأظنها اليوم سعيدة مغتبطة، وستهب شنودة من حنانها وأمومتها ما تقر به عينه، وستضعه بين رموش عينيها.
نقلا عن المصرى اليوم