أميرة عزت
انتصار الإنسانية في قضية الطفل شنودة، أمر مفرح جداً، حينما أعلنت النيابة العامة قرار تسليم الطفل للأبويه، وتسليمه فوري قبل حتي انتهاء الإجراءات الروتينية، و تكاتف كل الأجهزة لإظهار الحق و اعلاء الإنسانية قبل أي شيء كون ملحمة من أول قرار مشيخة الأزهر التي أعلنت أن أي طفل يوجد داخل كنيسة و وجده شخص مسيحي هو علي دين من وجده، بالأضافة للوثيقة الرسمية الذي أصدرها الأنبا مارتيروس أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد بالقاهرة أن الطفل وجد داخل الكنيسة.
الملحمة الرائعة اكتملت بعودته لأهله، ولكن هذه القضية، جعلتني أفكر في أمرين هامين، هما ماذا سوف يكون مصير الحالات المتشابهة في وسط وجود المادة الثانية التي كانت عائق أمام قضية الطفل والتي كانت السبب في وجودة سنة كاملة في دار الأيتام بعيداً عن أسرته، وما سبب له بالتأكيد أذي نفسي، والأمر الثاني هل كل دول العالم تضع الدين الأغلب للمواطنين بالدولة مشرع أساسي لكل سكانها مهما اختلفت أديانهم؟.
الحقيقة أنني عندما بحثت وجدت بالفعل أن دول العالم العربي التي تتميز بأن عدد سكانها يكون فيه الأغلبية العظمي من المواطنين يدينون بالدين الإسلامي، تضع نفس البند بالدستور أن الدين هو المشرع الأساسي للدولة مثل الجزائر وتونس وغيرهما.
وعلي العكس تماماً وجدت أن دساتير العالم الأوربي الأجنبي الذي يتكون سكانه من أغلبية عظمة تدين بالدين المسيحي، تضع في الدستور أن المشرع الأساسي للتعامل علي أرضها هو الحرية والمساواة وعدم التمييز.
في الدستور الألماني اول ٤ مواد كالآتي " المادة الأولي كرامة الإنسان وإلتزام سلطة الدولة بالحقوق الإساسية، المادة الثانية الحرية العامة في التصرف، الحرية الشخصية والحق في الحياة، المادة الثالثة المساوأة أمام القانون، المساواة بين الرجل والمرأة، حظر التمييز، المادة الرابعة، حرية العقيدة والضمير والإيمان".
وفي الدستور الفرنسي، تتضمن المادة الأولي الآتي "فرنسا جمهورية علمانية اجتماعية تكفل مساواة جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز يقوم علي الأصل أو العرق أو الدين"، وفي المادة الثانية لغة الجمهورية الفرنسية شعار الدولة هو الحرية والمساواة الإخاء، وفي دستور الولايات المتحدة أيضا لا توجد أي مواد تنص علي الدين بل أنه يتحدث عن الإنسانية فقط.
لقد كانت أصوات المواطنين علي مدار سنة كاملة عبر السوشيل ميديا تعلو كل يوم برجوع الطفل لأبويه وتحرم قرار وضعه داخل دار أيتام، تلك الأصوات كانت من المسلمين أكثر من المسيحيين أنفسهم، إذاً هنا نحتاج أن نغير الدستور ليكون بعيداً عن الأديان ويكون دستور عن الإنسانية، الدولة بكل أجهزتها وأصوات الضمائر أعلنوا أن الإنسانية فوق الدستور وهي الأولي، فلماذا لم نخطو نحو هذا النهج بشكل اوضح ورسمي ؟.
صحيح أن الدستور المصري يتضمن المادة الثالثة التي نص علي أن "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية"، ولكن المادة الثانية تقف عائق أمام حقوق أخري منها قضايا الميراث ، ففي المسيحية الأنثي والذكر متساويين في الميراث، ولكن عندما يلجأ أي مسيحي للقضاء في قضية الميراث يطبق المادة الثانية التي تنص علي تطبيق الشريعة الإسلامية والتي تنص علي أن نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثي، هذا بالإضافة إلي أن المسيحية لا تحرم التبني ولكن بموجب المادة الثانية هو محرم وهي ما كانت أساس مشكلة الطفل شنودة، لذا نأمل أن تكون تلك القضية أولي الخطوات نحو دستور يكون تشريعة الإنسانية أساس التعامل في مصر .
في النهاية اود أن اطرح عدة تساؤلات واتركها للقارئ يجيب عليها، وهي : هل الإنسانية أولاً أما الأديان؟، وهل الحرية أن أضع ضوابطي التي أؤمن بها علي غيري، أما أني أحكم عليه بموجب الإنسانية بعيداً عن معتقداتي أنا؟، هل الدين أساسه أن أحكم علي غيري بقوانينه؟.
كيف أضع بند يتحدث عن الحرية ثم أضع بند آخر قبله أو بعده يحد أو يلغي تلك الحرية؟، كيف كان يتعامل الناس قبل الأديان؟، وماذا أضافة الأديان للإنسانية؟، وهل الدين أعلي أما الإنسانية، وهل الإنسانية تتعارض مع الدين؟ أما يكون الدين هو اساس الإنسانية؟، هل الحكم بالدين في الدول علي كل الناس مهما اختلفوا يعد عدلاً؟ .