زهير دعيم
احدى المربيّات اخبرتني مرّة - والاستهجان يملأ كيانها – اخبرتني عن تلميذة في صفّها ذاقت وتذوق الأمرّيْن والألم والتنمّر من قبل الطلّاب بسبب الاسم الذي اطلقه عليها ابوها تيمُّنًا بوالدته المرحومة " خَبْصة " .
لا أُنكر أنّنا مديونون جميعنا للأهل ديْنًا كبيرًا يصعب ايفاؤه ، فقد بذلوا الغالي والرّخيص من اجل تربيتنا وسعادتنا ورغدنا ، وها نحن اليوم نقوم بعين العمل والمسؤولية، فبذلنا وما زلنا نبذل جلّ طاقاتنا في سبيل اسعاد أولادنا وحفدائنا ، لكنّ هذا العطاء الجميل ، لا يُحتّم علينا أبدًا أن يحمل الأولاد والحفدة أسماء الجدود والجدّات، إن كان هذا الاسم "قديمًا " وغريب المعنى وصعب الوقع واللفظ .
"خبصة " يا رجل و" عمشة" في الألفيّة الثالثة ؟
وسؤالي هو : هل استفسر الوالد المحترم عن معنى الاسم الذي سيطلقه على ابنته التي ستضحي بعد سنوات صبية وسيضم اسمها " مكتوب العرس " .
ف" " خبَصَ " معناها كذب وامّا العَمَشُ فهو ضعف يصيب العين من جرّاء سيل الدّموع الدائم .
نعم ... جميل بل وواجب وحقّ أن نطلق أسماء الوالدين والوالدات والجدود على أبنائنا ، شريطة أن تكون هذه الأسماء مقبولة معنىً ولفظًا ووقعًا ، فلا نظلم الشّاب أو الصبية مدى العمر حتى نرضي الأقربين ، مع انّ الكثيرين منهم يفهمون ويتفهمون ان اسمهم قديم ولا يتضايقون ان تجاهلناه.
لو خُيّرْتَ أخي القارئ أن تطلق اسم " دِيمة" أو " بُعاق " على ابنتك فمن كنت تختار ،علمًا أن الديمة كما البُعاق تعني الغيمة الماطرة ؟
لا شكّ انّك ستختار الدّيمة فالحروف أجمل وقعًا وتفيض خيرًا وهمسًا وعطرًا .
لا شكّ أنّ لجمال الاسم ووقع حروفه رونق وخفّة ظل ، فتعالوا نفكّر قليلًا بل كثيرًا قبل ان نطلق الأسماء على أولادنا، خاصّةً وكما كانت تقول أمّي المرحومة : الأسماء ببلاش ، فما دامت ببلاش فهيّا نُفتّش عن الماسيّ منها والذّهبي والفضيّ والرّاقي.