حمدي رزق
لفتنى منشور معتبر للصديقة العزيزة الدكتورة «نيفين مسعد» على صفحتها الفيسبوكية تداخلًا فى قضية الطفل شنودة، نصًا تقول بذكاء وفطنة: «أتمنى البعد بشنودة عن الأضواء والضوضاء، فسلامته النفسية أهم بكثير جدًا من السبق الإعلامى، وإثبات الانتصار فى المعركة العجيبة، وما عانى منه هذا الطفل الصغير يحتاج وقتًا لتجاوزه.. لا لبروزته».
ومن أرضية محبة وتقدير، كنت أفضل عدم ظهور العزيز «الأنبا أرميا»، فى قضية الطفل شنودة، جهده مشكور، وعطفته مقدرة ولكن ظهوره بهذه الصورة والطفل فى حجره أعطى إيحاءات كنا فى غنى عنها، وعن مردودها فى أذهان بعض المتربصين بالقضية كونها تلمس الصدع الطائفى.
أيضًا التطوع بأحاديث على ألسنة بعض السادة المحامين المسيحيين عن دور (البابا)، قداسة البابا تواضروس الثانى، فى عودة شنودة، لا يستقيم مع تحفظ البابا شخصيًا طوال الوقت الذى استغرقته القضية، عن الدخول فى مثلها قضايا ملتبسة تستأهل تدخلًا قانونيًا إنسانيًا.
البابا فى «عظة الأربعاء» اكتفى بالشكر، «نشكر الله أن قضية الطفل شنودة انتهت على انتصار الإنسانية فوق القانون». ونسب قداسته الفضل لأهله، فضيلة مفتى الجمهورية، «نشكر الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، بعلمه وجهوده وهدوئه قدم الصورة الجميلة.. وبنشكر ربنا انتهت القصة بسلام».
تعلموا من بابا المصريين، عودة شنودة إلى حضن والدته (البديلة) ليس انتصارًا لدين ولكن للإنسانية، فضوها سيرة، وانسوا القصة برمتها، واتركوا الطفل لحاله، كفى تبضعًا بالقضية، والكيد والمكايدة، (كما تقول أستاذتنا الدكتورة نيفين مسعد). نشر صور الزهو بالانتصار، بعض الصور المنشورة مع شنودة فيها رائحة مكايدة، وكأنها معركة أحرز فيها فريق نصرًا، بلاها مثل هذه الصور، وهذه الأحاديث، وهذه الوقائع المقلقة للضمير الجمعى.
قضية طواها النسيان، ويستوجب أن تمر مرور الكرام، لا هى معركة دينية، ولا هى معركة بين الدولة المدنية والدولة الدينية، عكسًا المؤسسة الدينية انتصرت لمدنية الدولة فى التحليل الأخير، وأفتت (بلسان المفتى) بما تمليه الإنسانية وتستبطنه الضمائر الحية تلبية لطلب النيابة ليس تطوعًا.
صحيح ظهور الجلاليب السوداء والعمائم البيضاء فى تلافيف القضية يُقلق أنصار الدولة المدنية، ولكنها فترة تحول مستوجب الصبر عليها، والعمل الدؤوب على تعديل تشريعى يعالج مثل هذه القضية من جذرها، ويوطئ لوضعية أفضل لمثل هؤلاء الأطفال الذين يلقى بهم على شواطىء الحياة دون ذنب جنوه (كما يلح فى مقالاته المعتبرة صديقى الأستاذ محمود العلايلى).
شنودة الذى عاد إلى أسرته البديلة يعبد الطريق لكل طفل فى مثل حالته أن يجد أسرته البديلة بديلًا عن دور الرعاية الباردة التى تخلو من موجبات الرعاية الأسرية الواجبة فى مثل هذه الحالات القاسية على النفس الرحيمة.
حسبنا التفاف النخب حول القضية طلبًا لتحكيم الإنسانية، واجتماع الطيبين على عودة شنودة لأمه البديلة السيدة آمال إبراهيم، ولنبنى على أساسات هذه القضية بناية تحفظ حقوق هؤلاء الأطفال.
نطلبها إنسانيًا بناية مدنية بقانون مجمع عليه يحفظ لهؤلاء الحق فى حياة سعيدة. فليتخارج القساوسة والشيوخ من القضية، كتر خيركم، خلوا عنكم، لا حاجة لنا لظهوراتكم فى الشؤون المدنية، فرصة وسنحت لتأسيس وضعية قانونية مدنية بعيدًا عن المسجد والكنيسة.
نقلا عن عالم النجوم