على ساحل بحر الأدرياتيك وفى مدينة ديوريس الألبانية أمس الأول.. وبعدما أضافت شمس محمد ثلاث ميداليات جديدة من ذهب لرصيد البعثة المصرية.. أجبرت مصر خبراء ومسؤولى رفع الأثقال على التصفيق لها بعدما تصدرت بطولة العالم للشباب.. انتصار عالمى جديد حققته شمس محمد بثلاث ميداليات من ذهب.. ورحمة السيد بميداليتين ذهبيتين وثالثة فضية.
 
وحبيبة سعد بميداليتين فضيتين.. وميدالية برونزية لكل من بسمة رمضان وريناد محمد.. ولا تليق أو تصح الإشارة لهذا الانتصار باعتباره مجرد خبر وأسماء وميداليات وبطولة جديدة للأثقال المصرية.. إنما لابد من إطالة التوقف أمام ما هو أكبر وأجمل من الخبر.. فالميداليات التى جاءت لمصر فى هذه البطولة كانت للاعبات صغيرات لايزال أمامهن وللشباب أيضا المستقبل والمزيد من التألق والنجاح.
 
وأنهن من مختلف زوايا مصر وجئن من أسيوط وبنى سويف للإسماعيلية والقاهرة.. ومعظمهن من أندية ليست كبرى ولا تملك الكثير من المال أو الأضواء واهتمام الإعلام.. مما يعنى أن رفع الأثقال لا تزال اللعبة الأكثر صلاحية لعموم المصريين ليست فقط اللعبة الأكثر فوزا فى تاريخ مصر بميداليات أوليمبية وميداليات فى بطولات العالم.. ومع هذا الانتصار وكل انتصار سابق للأثقال المصرية.
 
لابد من التوقف أمام جريمة رياضية مصرية قديمة تخص رفع الأثقال ولاتزال مستمرة حتى الآن.. ففى أمستردام 1928 فاز السيد نصير بأول ميدالية أوليمبية لمصر.. وفى برلين 1936 فاز بميداليات الأثقال كل من أنور مصباح وخضر التونى وصالح سليمان وإبراهيم شمس وإبراهيم واصف.. ومع استئناف النشاط الأوليمبى بعد الحرب العالمية الثانية.
 
فاز فى لندن 1948 محمود فياض وإبراهيم شمس وعطية حمودة بميداليات الأثقال.. وقتها انتبه خبراء الرياضة فى العالم لهذه الظاهرة المصرية وأعلنوا أنه لو اهتمت مصر بهذه اللعبة وأحسنت رعايتها فستحتكر ميداليات وبطولات هذه اللعبة أوليمبيا وعالميا.. ولم يحدث ذلك بالطبع ورفضت مصر منح رفع الأثقال أى ميزة إضافية، بل اهتمت أكثر بألعاب أخرى لم تفز حتى الآن بميدالية واحدة فى دورة أوليمبية أو بطولة عالمية.
 
أكثر من سبعين سنة تغيرت خلالها أسماء ووجوه من يديرون الرياضة فى مصر، لكن لم تتغير النظرة لرفع الأثقال.. كأن بعض هؤلاء المسؤولين اعتبروا رفع الأثقال لعبة ليست أنيقة وتخلو من الوجاهة الرياضية والإعلامية.. أو أن مسؤولين فى ألعاب أخرى خافوا وحاربوا رفع الأثقال حتى لا تتميز وتكشف فقر وضعف ألعاب أخرى تستمتع بدعم حكومى لا سقف له أو نهاية.
 
وهى جريمة لاتزال مستمرة حتى الآن حيث لا يجرؤ أحد أن يطالب بميزانية مختلفة لهذه اللعبة مثلما فعلت كوبا مع الملاكمة وكينيا وإثيوبيا مع ألعاب القوى.. ولا يمنع ذلك من توجيه التحية والشكر لوزارة الشباب ووزيرها بعد المشروع القومى للموهبة الرياضية الذى احتضن هؤلاء اللاتى فزن فى بطولة العالم الحالية.. وكنت ولاأزال أتمنى مشروعا خاصا برفع الأثقال وحدها مهما غضب واستاء آخرون.
نقلا عن المصري اليوم