القمص يوحنا نصيف
 في نهاية القدّاس، في كنيسة السيّدة العذراء والقدّيس كيرلّس عمود الدين، حضر رجلان طويلا القامة ومعهم سيّدة غير مؤمنة بها روح شرّير، وطلبوا مِنّي أن أصلّي لأجلها.
 
فأجلستها في خورس السيّدات، وجلسنا نقرأ المزامير مع بعض الإخوة الشمامسة. وفجاة تغيّر صوتها إلى صوت رجل، وبدأت تتحدّث بطريقة تشنّجيّة، ولكنّه لم يخرج منها.
 
فسألتها: "هل تحمِل حجابًا؟" فقال الروح الشرّير: "لا."
ثمّ سألته: "لماذا لا يخرُج؟" فردّ قائلاً: "إنّها تذبح لي." (أي تُقدِّم للشيطان ذبيحة.. دجاجة أو خروف). فتعجّبتُ وقُلتُ له: "ما معنى تذبح لك؟"
 فردّ وهو يشير إلى المذبح قائلاً: "يعني ما إنت عندك مذبح، وعليه ذبيحة". فذُهِلتُ جدًّا من ردّ هذه السيّدة، رغم أنّها لم ترَ في حياتها مذبحًا، ولا تعرفه أبدًا..!
فتعجّبتُ لأنّ ذلك الشيطان ذَكَّرَني بالشيطان عندما كان يصرخ وراء السيّد المسيح قائلاً: "أنت هو المسيح ابن الله الحيّ"، بينما الناس حول المسيح لا يؤمنون به.
 عندئذ اكتشفت جيِّدًا أنّ سِرّ قوّة الكنيسة القبطيّة في المذبح؛ وقوّة المذبح يعرفها الشيطان، لأنّ عليه الذبيحة التي هي امتداد لذبيحة الصليب، الذي سحق به مخلّصنا الشيطان. وتعجّبتُ لأنّ بعض الطوائف لا تؤمن للآن بقوّة المذبح وقوّة الذبيحة، وتقول أنّها مجرّد ذكرى، بينما الشيطان يعترف ويخاف.
 
 واكتشفتُ لماذا يغتاظ الشيطان عند بناء مذبح كنيسة، ويَهِيج ويضطرب.
 
 لذلك يا أحبّائي يجب علينا أن نُقدِّس المذبح، ونهتمّ بالقُدّاس لأنّه أعظم عمل في الكنيسة، إذ يُقدِّم المسيح ذاته ذبيحة حيّة عن العالم، فيأكل أولاده من جسده لحياة أبديّة، ويشربون من الدم ويتطهّرون من خطاياهم، ويُجدِّدون قوّة، ويرفعون أجنحة كالنسور.
 
القمص بيشوي كامل
(هذه المقالة تمّ نشرها في مجلّة "صوت الراعي" عدد مايو 1977م)
+ + +
بركة صلوات أبينا القدّيس القمّص بيشوي كامل تكون معنا. آمين.