ياسر أيوب
ليست الحياة إلا كومة من أشياء صغيرة.. أشياء صغيرة قد تجرحك أو تؤلمك أو تكسرك.. وفى المقابل أشياء صغيرة أيضا قد تسعدك وتثبت أنك لاتزال قادرا على الحياة والحلم.. ومن المؤكد أن دورات الكرة الرمضانية فى أى مدينة أو قرية مصرية تبقى مجرد حواديت صغيرة فى عالم الكرة الواسع بأخباره وقضاياه ونجومه.. لكن ما يقوم به حاليا شباب قرية قشطوخ لم يعد مجرد حدوتة صغيرة على هامش الكرة المصرية ولم تبق دورتهم الرمضانية الحالية مثل باقى دورات مصر الكروية.. فالدنيا قد تهزم من لا يملكون القوة أو المال لكن من الصعب أن تهزم من يحبون الحياة أيا كانت ضغوطها وقيودها ومن يملكون الحلم والخيال ويسرقون بهما فرحة يستحقونها ويحتاجون إليها.. ولهذا قرر شباب قرية قشطوخ التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية إقامة دورة رمضانية لكرة القدم كما لو كانوا ينظمون المونديال.. ومن حقك أن ترى ذلك أمرا يدعو للسخرية أو لا يستحق أى اهتمام.. لكن قد تختلف رؤيتك وأحكامك إن عرفت أن هؤلاء الشباب أقاموا دورتهم الحالية من 32 فريقا فى ثمانى مجموعات.. شكلوا لجنة منظمة وضعت لائحة للدورة وجدولا لمبارياتها.. وصمموا تميمة خاصة للدورة التاسعة التى حملت اسم اللاعب الكبير مؤمن زكريا.. وأقاموا حفلا لمراسم قرعة الدورة ثم حفل افتتاح للدورة كان بكل المقاييس أجمل من حفل افتتاح بطولة أمم إفريقيا للشباب الأخيرة فى مصر.. فقد تضمن حفل قشطوخ استعراضا لبنات القرية الصغيرات أقل من عشر سنوات..

وأيضا لاعبى مركز شباب القرية.. وأغنية خاصة للدورة تضمنت أسماء كل الفرق المشاركة.. ومباراة استعراضية بين لاعبين قدامى من أهل القرية ومنتخب لاعبين قدامى من القرى المجاورة.. وقاموا أيضا بتصوير كل ذلك بكاميرا درون بمنتهى الإتقان والاحترافية.. وقاموا بكل ذلك وهم واثقون تماما أن أحدا خارج قريتهم لن يلتفت إليهم أو يصفق لهم لكنهم قاموا بذلك لأنفسهم وليثبتوا أنهم بإمكاناتهم الصغيرة يستطيعون ما قد يعجز عنه من يملكون كل شىء.. فأجمل النجاحات وأصدقها هى التى يقوم بها الإنسان حين يتحدى ظروفه وواقعه دون أن يشترط الصعود للمسرح ليصفق له الناس.. وهكذا نجح شباب قرية قشطوخ فى تأكيد اعتزازهم بقريتهم الصغيرة وإحدى أقدم قرى مصر التى كانت تابعة لمديرية الغربية حتى قرر محمد على باشا ضمها للمنوفية وأعطاها اسم قشطوخ.. ولاتزال تتوالى المباريات دون أخطاء وأزمات بعدما شعر كل أهل القرية الصغيرة الجميلة أنهم شركاء فى كل شىء ويستحقون كلهم الشكر والاحترام.. وأشكر أيضا إسماعيل عايد الذى تحمل نفقات الدورة وعماد المصرى، رئيس مركز الشباب، ومنال عيد، رئيسة الوحدة المحلية.. واللجنة المنظمة للدورة.. عماد المصرى ورأفت زهران ومحمد عبدالمطلب ومحمد دويدار ومحمد شبل وعبده عايد وضياء خليل ووائل العبد وفؤاد دربالة ومصطفى طلعت.. وتحية خاصة جدا لمن قاما بتصوير الدورة.. عمر الشعراوى وعبدالرحمن لطفى.
نقلا عن المصرى اليوم