هاني لبيب
أصبحنا نشهد يوميًا حالة من الانتشار والتغلغل والسيطرة لكل ما هو رقمى فى حياتنا بشكل متسارع.. ربما وصل إلى ثوانٍ قليلة بين كل ما هو جديد أو تطوير لما هو قائم فى سبيل الوصول إلى رقمنة المجتمع المصرى. ومن ضمن هذا التحول ما يحدث فى عالم العملة.
النقود هى الشكل المباشر لتبادل السلع والخدمات، وهى أساس التجارة فى التعاملات اليومية للبيع والشراء، وتشمل النقود المعدنية والورقية، ويصدر رسميًا من البنك المركزى للتداول.
حدث تطور متصاعد فى تداول النقود من الانتقال إلى الدفع النقدى المباشر إلى غير المباشر من خلال البطاقات البنكية الائتمانية، ثم من خلال الهواتف الذكية والساعات الرقمية.
وتدريجيًا، ظهرت العملات المشفرة، ولكن سرعان ما اكتشفنا - فى اعتقادى - أن «الجنيه الرقمى» سيكون قريبًا فى مصر هو البديل الرسمى والقانونى للعملات الرقمية المشفرة (من أشهرها «البيتكوين»)، والتى لم تجد رواجًا كبيرًا فى المجتمع المصرى، سواء لكونها ذات تهديدات مالية ومخاطر مرتفعة، أو لكونها مجهولة المصدر والتنوع، فضلًا عن عدم وجود سيطرة قانونية عليها.
«الجنيه الرقمى» سيكون عملة رقمية معترفًا بها وليست افتراضية مثل المشفرة، لأنه سيصدر عن بنوك مركزية رسمية فى الدولة، وليس شركات أو منصات إلكترونية ووسائط اجتماعية.
وهو بمثابة تفاعل المدفوعات مع العمليات الرقمية، باعتباره رصيدًا ماليًا مسجلًا إلكترونيًا؛ انعكاسًا لممتلكات وأموال قابلة للبرمجة الرقمية غير الملموسة.. وسيكون متاحًا فى شكل رقمى وليس ورقيا أو معدنيا.
وهو يمثل طريقة للمعاملات المالية الفورية التى تسمح بنقل الملكية على مستوى دول العالم التى تستخدم تكنولوجيا العملات الرقمية من خلال الموبايلات الذكية Smart Phone. ويتواكب مع ذلك تبسيط المعاملات المالية وسهولتها دون التنازل عن
القواعد والخصوصية والأمان والحماية الكاملة للمستخدمين والعملاء.
مؤخرًا، أعلنت العديد من البنوك العالمية الكبرى دراستها إصدار عملات رقمية، ويتطلب ذلك إنشاء بنوك رقمية لها قواعد وضوابط رقابية خاصة للتعرف على هوية العملاء رقميًا، والحفاظ على ممتلكاتهم الرقمية.
بحيث تتم كافة المعاملات المالية فى الشراء والبيع والتحويلات والادخار والإقراض من خلال المحفظة الشخصية على الموبايل الشخصى لكل عميل له حساب رقمى.. وهو ما يمثل سرعة ثورة المدفوعات الإلكترونية.
«الجنيه الرقمى» مسألة أمن قومى.. ستكون فى مقابله أصول فى البنك المركزى. وأن إصداره سيقلل من انتشار العملات المشفرة غير الرسمية ومخاطرها على الاقتصاد الوطنى. كما أن الوصول لإصداره سيمثل شراكة ضخمة بين شركات التكنولوجيا العملاقة والبنوك المركزية. وسيترتب على إصدار «الجنيه الرقمى» تراجع البنوك التقليدية، ونهاية الخدمات المصرفية المجانية.
وظهور أشكال جديدة للمعاملات المالية الرقمية والأرباح والعقود الذكية وتفعيل التوقيع الإلكترونى. ومن المتوقع أن ينهى انتشار وجود العملة الرقمية عالميًا وجود عملة واحدة مسيطرة على غرار الدولار الأمريكى وما يتسبب فيه من تقلبات فى فروقات سعر الصرف بين العملات.
إصدار «الجنيه الرقمى» سيكون فى قمة التحول الرقمى فى المجتمع المصرى، وسيكون نتاج تطوير تطبيقات وبرامج معقدة وتحديث للأنظمة القديمة بتحويلها رقميًا. ويرتبط كل هذا بالتخطيط الاستثمارى والمالى من جهة.
وتطوير القطاع المصرفى رقميًا بالوصول إلى وسيلة إلكترونية آمنة من خلال التعرف على هوية العملاء والمستخدمين إلكترونيا سواء بالتحقق من بياناتهم أو بإجراء معاملاتهم المالية بطريقة آمنة ائتمانيًا من جهة أخرى.
نقطة ومن أول السطر..
يشهد المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة خطوات متتالية للتحول الرقمى، وهو ما يعنى مواكبة المجتمع المصرى للتطور الرقمى السريع.. وهو ما يحتاج قوة ومرونة وإنجازًا فى صناعة القرارات الاقتصادية واتخاذها بخطوات استباقية محسوبة.
قريبًا جدًا، ستُدار حياتنا بالكامل من خلال الموبايل.
نقلا عن المصري اليوم