الأب رفيق جريش
تشكل العلاقات المصرية ـ السعودية نموذجًا يحتذى به لما ينبغى أن تكون عليه العلاقات العربية فى تعزيز التعاون والتنسيق بشكل مستمر، سواء على مسار العلاقات الثنائية أو مسار العلاقات الإقليمية، خاصةً مع دول الخليج وكذلك مسار مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
فهى تتسم بخصوصية كبيرة تنبع من الروابط التاريخية والشعبية القوية والمصالح المشتركة بينهما، وحرصت الدولتان على تطوير هذه العلاقات بشكل مستمر بما يخدم مصالح شعبيهما وبما يعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة.. وجغرافيًا، مصر مع البحر الأحمر وقناة السويس هى عمق استراتيجى للمملكة، كما أن المملكة عمق استراتيجى عربى وآسيوى لمصر.
ونشهد حاليًا على المستويين الإقليمى والدولى مجموعة من التحديات والتفاعلات والتحولات المتعلقة بمجموعة من الملفات الساخنة، بدءًا من الأزمة الروسية -الأوكرانية وتداعياتها المتعددة الأبعاد، مرورًا بالأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والتفاعلات الجارية فى عدة أقطار عربية مثل العراق والسودان وليبيا ولبنان واليمن.
وصولًا إلى ملف الساعة فى منطقة الشرق الأوسط - من المنظور العربى الحالى - وهو عودة دمشق إلى المنظومة السياسية والاقتصادية العربية، وكذلك تحسن العلاقات بين الرياض وطهران، والذى يتوافق مع الرؤية المصرية الرامية إلى إيجاد روابط للتعاون السلمى والسياسى، والابتعاد قدر الإمكان عن إذكاء حالة التوتر والعداء السياسى والطائفى فى منطقتنا هذه.
فعلى مستوى العلاقات الثنائية، يمكن القول إنها علاقات شراكة استراتيجية قوية متشابكة على جميع المستويات والأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية. وشهد التعاون الاقتصادى والتجارى بينهما طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث تعد السعودية الشريك التجارى العربى الأول لمصر، ولديها استثمارات تصل إلى 53 مليار دولار عبر أكثر من خمسة آلاف شركة.
ويصل حجم التبادل التجارى بينهما إلى 10 مليارات دولار. وهناك حرص من البلدين على تطوير العلاقات الاقتصادية بشكل مستمر عبر آليات مؤسسية، وعبر توظيف الفرص الكبيرة الواعدة لدى كلا الجانبين، خاصة فى ظل التجربة التنموية الضخمة لكل منهما ضمن رؤى 2030 التى توفر فرصًا استثمارية هائلة من شأنها أن تعود بالنفع على كلا البلدين.
ولا شك أن المشروعات القومية العملاقة فى مصر، تمثل بيئة جاذبة للاستثمارات السعودية، كما تتعاون الدولتان فى مجالات الاقتصاد الأخضر وإنتاج الطاقة المتجددة والاستثمار فى التكنولوجيا والمعرفة.
وعلى مسار القضايا الإقليمية والدولية، فقد أسهم التنسيق المصرى السعودى عبر آلية القمم المشتركة والزيارات الدورية المتبادلة فى توافق الرؤى تجاه التحديات التى تواجه المنطقة العربية، وكذلك مواجهة الأزمات العالمية وتقليل آثارها السلبية على المنطقة، ولذلك تعد مصر والسعودية صمام الأمان للعالم العربى فى مواجهة العواصف والتحديات المختلفة.
وقد استطاعت الدولتان بفضل السياسة الخارجية الفاعلة لكل منهما توجيه مسار التفاعلات الإقليمية والدولية بما يعظم المصالح العربية. بجانب ذلك الانفتاح الكبير التى تشهده المملكة على جميع المستويات، يشجع هذا التعاون بين قطبى الأمة العربية، إذ يتكاملان فى كثير من الأمور.
ومن هنا، فإن الزيارة القصيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى للسعودية ولقاءه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان تأتى فى سياق تعزيز التعاون المشترك فى جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين.
نقلا عن المصري اليوم