د. عوض شفيق - جنيف
رئاسة روسيا لمجلس الأمن لمدة شهر ابريل مجرد إجراء روتيني دوري وليس له أي علاقة واستغلالا لموقف دولي أو استخدامه لصالحها
بل هو إجراء قانونى لدرء أي تضارب محتمل بين مصالح السلام ومصالح العدالة، التي كثيرا ما تختزل في عبارة "السلام مقابل العدالة"
أنه ووفقا لحكم المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تنص على أنه :
"لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهراً بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى، يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها".
وبعد جدل قانونى وسياسى أعربت مجموعة من الدول في لجنة الأعمال التحضرية مفاده أنه لا يجوز لأى محكمة أن تمضى في الحتقيق أو المقاضاة دون إذن مسبق من مجلس الأمن، إذا كانت الحالة تندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وأعربت الدول الأخرى عن مجموعة متنوعة من الشواغل، مثل خطر التدخل في الاستقلالية القضائية للمحكمة والتأثير السياسي غير الملائم لمجلس الأمن، وإذا بدت محكمة ما تحت تصرف مجلس الأمن، فإن حياد المؤسسة وشرعيتها سيكونان في خطر. ومن ثم سيعوقان تنفيذ وظائفها القضائية تنفيذا فعالاً. وفى النهاية تقدمت سنغافورة حلا وسطاً جرى التوصل إليه بصعوبة كما تجسده المادة 16
ويقول بعض شُراح القانون الجنائي الدولي بأن حكم هذه المادة أنشأت آلية حيوية للتنقل في العلاقة بين مسؤوليات مجلس الأمن الناشئة بموجب ميثاق الأمم المتحدة والولاية القضائية للمحكمة. ويحاول ذلك الحكم تحقيق التوفيق، أي درء أي تضارب محتمل بين مصالح السلام ومصالح العدالة في سياق مناقشة طلب إرجاء التحقيق والمقاضاة ، التي كثيراً ما تُختزل في عبارة «السلام مقابل العدالة».
إلا أن هناك عدداً من الشروط التي يتعين أن يتضمنها طلب الإرجاء.
والنقطة الأولية التي يجب ملاحظتها هي توقيت تفعيل طلب الإرجاء. أثار ذلك بعض النقاش حول ما إذا كان هذا يعني شكلاً محدداً من «التحقيق أو المقاضاة»، أم أنه يمتد ليشمل المراحل الأولية في إجراءات المحكمة. ومازالت المادة 16 من قانون ونظام المحكمة الجنائية الدولية تلتزم الصمت ولم تشر الممارسة والاجتهادات القضائية حتى الآن الى إيجاد حلول لتفعيل هذه الآلية لمفاهيم السلام مقابل العدالة.
أما الشروط الأخرى فهي شروط اجرائية لعدم تزايد شعبية التلاعب السياسي لمفهوم السلام مقابل العدالة:
وهو يقتضي أن يكون قرار الإرجاء «[صادراً] [...] بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة»، وهو ما يستلزم أن يفصل مجلس الأمن في أن حالة معينة تشكل «تهديداً للسلام أو إخلالاً به أو عملاً من أعمال العدوان» حسبما تقتضيه المادة 39 من الميثاق. ووفقاً للمادة 27 من الميثاق، يشترط إصدار قرار يتضمن طلباً وفقاً للمادة 16 موافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن، وعدم استخدام حق النقض من أي من الأعضاء الخمسة الدائمين.
وللحديث بقية حول هذه الإشكالية لتحقيق السلام والعدالة بدون التنازل عن أحدهما للآخر
د. عوض شفيق - جنيف