ختم الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حديث النشوز الزوجى بدعوة المجالس التشريعية، والمجامع الفقهية، ومؤسسات حقوق المرأة والطفل، إلى التصدى لظاهرة الضرب ضد أي إنسان، رجلًا أو امرأة أو طفلًا، وأن تصدر من التشريعات ما تراعى به الواقع المعاصر من كافة جوانبه، وتُجرم أي شكل من أشكال العنف الأسرى، وأن تصدر من القوانين ما هو كفيل بردع المخالفين والمجرمين.
 
هل من مجيب؟!. والسؤال للسادة النواب في مجلسى النواب والشيوخ، هل ينفر شيخ في مجلس الشيوخ، أو نائب في مجلس النواب إلى صياغة مشروع قانون يستبطن دعوة الإمام الأكبر، ويُجرم كل أشكال العنف الأسرى، الذي يفتك بالأسر المصرية تحت مظنة دينية فندها الإمام بفقه رصين.
 
وحتى يهم أحدهم بالمسؤولية المجتمعية، نقف عند حديث النشوز مجددًا، جزاه الله خيرًا، مولانا الإمام الأكبر الدكتور الطيب، نكأ جرحًا غائرًا بحديث «النشوز»، وحتى ساعة تحدث الإمام عن «النشوز» في آية النشوز:
 
«واللاتى تخافون نشوزهن فعِظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن» (النساء/ ٣٤)، كانت تهمة «النشوز» عند العامة لصيقة بالمرأة (الزوجة)، حصريًّا كما يقولون.
 
كشف الإمام الطيب الغطاء عن «نشوز الأزواج»، وكما هناك زوجة ناشز، هناك زوج ناشز، هل يستويان في الوصف، والإثم، والعقوبة، التي آخرها الضرب بضوابط صارمة وعلى سبيل الاستثناء؟.
 
لا يذهب الإمام مذهبهم، ولا يقول كما يقولون «آخر الدواء الكى» (الضرب)، والمثل يُضرب عند انتهاء الدواء إلى أقصاه، ومعناه أن المريض كان يعالج بكل دواء فلا يوافقه، فإذا عولج بالكىّ لم يبقَ بعده دواء.
 
مولانا يقول إن الضرب استثناء، ومحكوم بضوابط مانعة، ومعه يقطع بمساواة الزوج والزوجة في أحكام النشوز، وأول ملمح من ملامح المساواة في هذه القضية كما يقول الإمام أن الزوجة كما تُوصَف بالنُّشوز، كذلك يُوصَف الزوج بالنُّشوز على زوجته، وهو يستلزمه قانون المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام، والذى لا يلتفت إليه كثيرون، في هذا المقام، حتى من أهل العلم.
 
إنَّ الزوج يستحق وصف «النشوز» إذا تعدَّى على زوجته بالإيذاء أو الشَّتم أو الضَّرب، أو لعنها ولعن أهلها، أو ترك المنزل وعاد ليلًا للمَبيت فيه، ويتأكَّد نشوز الزوج على زوجته بهجرِها في المضجع أو المبيت.
 
ولا يقتصر أمر المساواة على اشتراك الزوجين في وصف «النُّشوز»، بل يَتعدَّاه إلى اشتراكهما في العقوبة، غير أنَّ العقوبة فيما يَتعلَّقُ بنشوزِ الزوج يتولَّاها الحاكم أو القاضى، الذي من حق الزوجة أن ترفع أمر نشوز زوجها إليه.
 
يقول العلماء والكلام هنا على لسان فضيلة الإمام الأكبر: «على الزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضى ليعزر الزوج على نشوزه، والتعزير عقوبة مفتوحة يقدرها القاضى، بداية من توجيه الموعظة، مرورًا باللَّوْم، وانتهاءً بالسَّجن.
 
فإن أصرَّ الزوج بعد التعزير على عناده ونشوزه، ورضيت الزوجة بالبقاء معه رغم نشوزه؛ فإنَّ القاضى يأمرها بهجر زوجها في المضجع، فإن لم يُفد الهجر وأصرَّ على عناده ضَرَبَهُ القاضى تعزيرًا، وبعضُ الفقهاء يرى تطبيق العقوبة ذاتها التي تُطبَّق على الزوجة في حال النشوز، وذلك بأنْ يعظه القاضى أوَّلًا، فإنْ لم يفد الوعظ، أَمَرَ الزوجة بهجرِه، فإن لم يُفد الهجر ضربه القاضى، وبعضهم قال بسجن الزوج بدل ضربه».
 
(أرجو أن أكون قد وُفقت في نقل رأى الإمام الأكبر ودعوته، والنقاش مفتوح لكل صاحب رأى حتى يمتنع الضرب وكل أنواع الإيذاء في البيوت قطعيًّا).
نقلا عن المصري اليوم