حمدي رزق
في عيد القيامة المجيد، يغبطك صوت فيروز بألحان الأخوين رحبانى، في ترنيمة (كامل الأجيال) من ألبوم
«الجمعة الحزينة»، تُرِنِّم فيروز في خشوع:
«كامل الأجيال تقرب التسبيح لدفنك يا مسيحى
حاملات الطيب أهدت لك الطيوب شوق يا مسيحى
يا ربيعى العذب يا بنى الحلو أين اختفى جمالك
أيها الثالوث أب ابن روح ارحم جميع العالم».
ويُرَنِّم إخوتنا في خشوع: «كيرياليسون»، ومشتقاتها، كيرى إليسون، كيرياليصون، كيريليسون، كيريليصون كيريا ليسون، كيريى ليسون.. وكيرى اختصار (كيريوس)، أي «الرب» أو «يا رب». وكلمة (إليسون)، أي «ارحم»، أي «يا رب ارحم.. آمين».
مبارك شعبى مصر، عيد سعيد على عموم المصريين، العيد هذا العام المبارك عيدان، عيد القيامة وعيد الفطر، بعد شراكة في الصيام الجميل، شعب يصوم جميعه، ويفطر جميعه، ويفرح بالعيد، سبحانه جمع الأعياد لتكون عبرة وعظة للطيبين.
مَن يحب الله يحب غيره في الله، ويسعى إليه مُهنِّئًا، مُبارِكًا، ولو برسالة، ولو بهاتف، ولو بخطوة، لا تبخلوا بالمحبة، وسارِع بالمحبة تزِدْ محبة، والمحبة لا تكلف مشقة.
المحبة نعمة مش خطِيّة، وكما قال طيب الذكر «مرسى جميل عزيز» بصوت كوكب الشرق أم كلثوم: قولها للطير للشجر للناس لكل الدنيا، قول الحب نعمة، مش خطِيّة، الله محبة، الخير محبة، النور محبة، يا رب تفضل حلاوة سلام أول لقا في إيدينا، وفرح أول ميعاد منقاد شموع حوالينا، ويفوت علينا الزمان يفرش إمانه علينا.. يا رب.
المحبة في أعماق الشعب، متجذرة في ضميره الإنسانى، المواطنة في منطوقه لا فارق بين الطيبين، مسلمين ومسيحيين، ويضرب نموذجًا ومثالًا حيًّا في أحاديثه الجميلة، وأفعاله على الأرض.
لن نُعدد الأمثلة، ظاهرة للعيان، وإخوتنا يلمسونها، ويعيشونها، ويغتبطون بها.
وعلى درب المحبة يسير الرئيس مُحِبًّا لأهله وناسه، لا يفرق بينهم في خطابه، وتسير المراجع الدينية الرسمية.. الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يضرب مثلًا مضيئًا في السماحة، وفضيلة مفتى الجمهورية، الدكتور شوقى علام، يُبشِّر بدولة المواطنة، ويؤسِّس لفقه الدولة الوطنية، ووزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، على الدرب المضىء يسير.
تشبيك المراجع السياسية العليا، والمراجع الدينية السمحة، والمرجعيات المدنية المعتبرة، يبشر بفجر المواطنة في الجمهورية الجديدة.
ما هو مطلوب عاجلًا «هَشّ» الغربان والحَدادِى الناعقة بالطائفية من شجر الوطن، وكبح شرورها أقوالًا وأفعالًا بالقانون، القانون وجاء، وقاية من أمثالها. لم يعد لها مكان في جمهورية المواطنة، وإن لم ترعوِ لأدبيات العيش الكريم المشترك، فالعقاب المجتمعى سيردعها عاجلًا، غير آجل، فالوطن لا يحتمل أمثالها، ولا أتباعها، سيجرفها الموج.
لم يُخيِّب عامة الطيبين الظن، وسيل التهانى ينهمر على إخوتنا في عيد القيامة المجيد، يغسل الأرض الطيبة، ستعود خصبة تنمو فيها بذور المحبة المطمورة في ضمائر المصريين، يقول المولى عز وجل، في كتابه الكريم: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَمُحْيِى الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ». (فُصِّلَت/ ٣٩).
نقلا عن المصرى اليوم