في مثل هذا اليوم19 ابريل1986م..

سامح جميل

 
نصر الله بطرس صفير أو رسميًا صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال نصر الله بطرس صفير الكلي الطوبى (15 مايو 1920 - 12 مايو 2019)، البطريرك الماروني السادس والسبعون انتخب في 19 أبريل 1986 خلفًا لأنطون بطرس خريش وقاد الكنيسة المارونية خمسًا وعشرين عامًا حتى استقالته بداعي التقدم بالسن، ليكون بذلك ثاني بطريرك يقدّم استقالته وقد خلفه منذ 25 مارس 2011 بشارة بطرس الراعي.
 
درس صفير اللاهوت والفلسفة في لبنان. في 7 أيّار 1950، سيم كاهناً، وعيّن خادما لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) حتى 1956، حين عينه البطريرك المعوشي أمين سر البطريركية. رُفيّ للدرجة الأسقفية وعين نائباً بطريركياً عاماً في 16 تموز 1961. وكان عضوًا في اللجنة الأسقفية عام 1974 التي سيّرت شؤون البطريركية بسبب مرض البطريرك المعوشي. وعندما انتخب بطريركًا عام 1986 كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أشدّها خصوصًا إثر حرب الجبل. لعب البطريرك صفير دورًا بارزًا في السياسة اللبنانية، فهو أولاً غطى اتفاق الطائف مانحًا إياه الشرعيّة المسيحية عام 1989، وبالتالي ساهم البطريرك مع الرعاية الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة والفاتيكان والرعاية العربية المتمثلة باللجنة الثلاثية التي كانت تضم السعودية والمغرب والجزائر بإنهاء الحرب؛ ثم في عام 2000 رعى مصالحة الجبل مع وليد جنبلاط لإنهاء مفاعيل تهجير الجبل.
 
كما أطلق في سبتمبر 2000 النداء الأول للمطارنة الموارنة الذين دعوا به لخروج القوات السوريّة من لبنان وهو ما تحقق في أبريل 2005 ما دفع عددًا من الباحثين لاعتباره "عرّاب ثورة الأرز". مواقف البطريرك السياسيّة المنسجمة مع بعض طروحات حركة 14 آذار أدت إلى توتر العلاقات مع بعض الأقطاب المارونية الأخرى في لبنان كتيار المردة والتيار الوطني الحر فيما أسموه "انحياز بكركي".
 
على الصعيد الكنسي إنجازات البطريرك عديدة أيضًا، فهو استحدث عددًا من الأبرشيات للاغتراب الماروني وأعاد تنظيم أبرشيات النطاق الأنطاكي، كما صدرت في حبريته نسخ جديدة لأغلب الرتب الطقسية المارونية، ومأسس الكنيسة من خلال استحداث عدد من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالناحية الاجتماعية، كذلك فقد انعقد في حبريته "المجمع البطريركي الماروني" الذي ختم أعماله عام 2006 وضمت توصياته أسس عمل الكنيسة في المستقبل؛ وأعلن خلال حبريته قداسة رفقا الريّس ونعمة الله الحرديني وتطويب يعقوب الكبوشي واسطفان نعمة.
 
على صعيد العلاقات الخارجية، كان للبطريرك علاقة مميزة مع المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر وجمهورية مصر العربية على وجه الخصوص، وكان له علاقات مميزة أيضًا مع الولايات المتحدة وفرنسا، أما بالنسبة إلى سوريا فقد كانت مواقف البطريرك من دورها في لبنان تؤثر سلبًا على العلاقة معها، وقد تمنّع عن زيارتها عدة مرّات مبررًا ذلك بالوضع الداخلي وبانعكاسات الزيارة على المعارضين للنفوذ السوري القائم آنذاك في لبنان.
 
بعد استقالته، ظلّ البطريرك مقيمًا في بكركي وعضوًا في مجمع أساقفة الكنيسة المارونية، متنحياً بالتالي عن رئاسة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وكذلك كاردينالاً للكنيسة الجامعة وهو اللقب الذي منحه إياه يوحنا بولس الثاني عام 1994.
 
أنطون بطرس خريش (1907 - 1994) هو البطريرك الماروني الخامس والسبعون بين عامي 1975 و1986 حين استقال من منصب البطريرك بداعي السن. قاد الكنيسة المارونية أحد عشر عامًا ونيّف خلال فترة مضطربة من تاريخ لبنان بسبب اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وهو البطريرك الماروني الثاني من جنوب لبنان.
 
ولد في عين إبل الواقعة في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل؛ تلقى تعليمه في مدرسة القديس يوسف في بلدته والتي يديرها الآباء اليسوعيون؛ انخرط في سلك الكهنوت باكرًا وتلقى تعليمه الأولي في معهد الرسل في جونيه ومن ثم سافر إلى روما ليكمل تحصيله اللاهوتي في المدرسة المارونية ونال منها دكتوراه في الفلسفة واللاهوت عام 1925 وله من العمر سبعة عشر عامًا فقط. سيم كاهنًا عام 1930 في صور مركز الأسقفية التي تتبع لها عين إبل آنذاك، وتولى مهمة التدريس في مدرسة مشموشة ثم في جامعة الحكمة في بيروت، وظلّ يدرسه الكهنوت فيها حتى عام 1935 حين كلّفه البطريرك بولس بطرس المعوشي أن يغدو أمين سر مطرانية صور ويغدو النائب الأسقفي فيها، كذلك شغل منصب القاضي الروحي في جنوب لبنان وحيفا لجميع المسيحيين وليس لأبناء الكنيسة المارونية فقط.
 
غدا عام 1948 نائب رئيس اللجنة البابوية لإغاثة نازحي فلسطين في أعقاب حرب 1948 وتقديرًا لجهوده في عمليات الإغاثة منحه البابا بيوس الحادي عشر لقب أسقف فخري على مدينة طرطوس في سوريا في 25 أبريل 1950، ثم رقّاه البطريرك أنطون عريضة لرتبة أسقف في 15 أكتوبر 1950 بوصفه معاونًا لمطران صيدا أغسطينوس البستاني، ومع تقدّم هذا الأخير بالعمر، غدا خريش المدبر الرسولي للمطرانية ثم مطرانها في 25 نوفمبر 1957.
 
خلال عمله الأسقفي أسس جمعية كارتياس جنوب لبنان للأعمال الخيرية عام 1972 وذلك لمساعدة النازحين الفلسطينيين والمتضررين من الحرب مع إسرائيل خصوصًا إثر حرب 1967، وعرف عنه نسجه علاقات متميزة مع جميع مكونات النسيج اللبناني خلال فترة التوتر التي أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية حتى لقب "مطران الدروز"، كذلك فقد جمعته علاقة طيبة مع موسى الصدر مؤسس حركة أمل في لبنان وتعاون معه عام 1967 في إنشاء "هيئة نصرة الجنوب".
 
منحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة كاردينال في 2 فبراير 1983، ما خوّله حضور أعمال المجمع السادس للأساقفة الكاثوليك حول العالم، الذي انعقد في الفاتيكان يوم 29 سبتمبر 1983. شهدت بطريركيته أيضًا تطويب الراهبة رفقة الريّس في 17 نوفمبر 1985، لتكون ثالث طوباويّة مارونية بعد القديس شربل والإخوة المسابكيون. أسس خلال بطريركته عددًا من أبرشيات الاغتراب الماروني، كما قام بتأسيس "اتحاد العائلات" الذي عرف لاحقًا باسم "الصندوق الماروني والمشاريع الإسكانية والإنمائية"، و"الهيئة المارونية للتخطيط والبناء". استقال من المهام البطريركية، ولم تنتهي الحرب بعد، عام 1986 بداعي التقدم في السن، وظلّ في دير بكركي وعضوًا في مجمع الأساقفة ومجمع الكرادلة، إلى أن توفي في بيروت عام 1994. خلفه نائبه العام المطران نصرالله بطرس صفير............. !!