حمدي رزق
سجلت الساعة السكانية فى يوم 31 مارس الماضى زيادة فى عدد السكان فى مصر (750 ألف نسمة خلال 180 يومًا)، زيادة (125 ألف نسمة شهريًا) بمعدل زيادة يومية (4166 نسمة) تقريبًا أربعة أطفال فى الدقيقة.

إزاء رقم قياسى مفزع فى عدد المواليد، المعدل يزيد بوتيرة جنونية، ما يُشبه الانفجار السكانى، أرقام جد مقلقة، تُقلق الحادبين على مستقبل هذا الوطن.

الساعة السكانية لا تكذب، ولا تتجمل، تدق بالحقيقة، وعقاربها تلدغ النائمين فى العسل المر، تدق محذرة من خطر الانفجار السكانى، علهم يُفيقون من الغفوة، لو مشينا بهذا المعدل من الزيادة المليونية كل عام.. ويلك يا وطن.

مصر الدولة الكبيرة تلد دولة صغيرة سنويًا، دولة عدد سكانها ما يفوق المليونين بكثير، ترجمة الأرقام فى نماذج رياضية صعب الاستيعاب، أفواه وأرانب.. الأرانب ستأكل حشيشة الوطن الجافة!!

الساعة السكانية بأرقامها الحمراء، أعلى بناية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تدقُّ عاليًا، تنذرنا، لقد كسرنا السقف، حاجز الـ100 مليون نسمة.

إحصائيًا، وصل عدد سكان مصر بالداخل إلى 104 ملايين و750 ألف نسمة فى 31 مارس الماضى، تجاوزنا وصف الأزمة، فى الأزمة تكون هناك القدرة على التدخل ودرء آثارها، بينما فى الكارثة يكون التدخل فحسب لتخفيف الآثار الناجمة عنها.

الأزمة قد تتطور عندما لا نعترف بوجودها ولا نتعامل معها بالشكل السليم، فإنها فى هذه الحالة ستتحول إلى كارثة، والكارثة تولد الأزمات تواليًا.

لماذا يغضون البصر عن القنبلة السكانية، غَضَّ طَرْفَهُ بمعنى خَفَضَهُ اسْتِحْيَاءً وَخِزْيًا.. جميعنا، لا أستثنى منكم أحدًا، يغض الطرف، يصرف النظر، غافل يتغافل، بالأحرى ذاهل، وعامل من بنها، والقنبلة السكانية الزمنية تتسارع دقاتها، توشك انفجارًا.

مصر بهذا المعدل فى الزيادة السكانية مقبلة على كارثة محققة، الساعة السكانية ليست للزينة والفرجة ولتزجية الفراغ والإشارة حمراء فى طريق المطار، ولكنها ناقوس خطر لينذر قومًا، فهم غافلون.

أخشى سنصل يومًا إلى أرقام تفوق قدرة الدولة على الاستيعاب، ستجوع الأرانب فى جحورها، مواردنا جد محدودة، والرقعة الزراعية تتزايد بالتيلة، وتوليد فرص العمل بشق الأنفس، ومتوالية الجوائح والحروب تحش وسط الاقتصاد الوطنى، والدخل الوطنى تلتهمه الأفواه الجائعة.

يلزم استدعاء معادلة «أفواه وأرانب» فى الفيلم الشهير، فاتن حمامة «نعمة»، بح صوتها، ولا مجيب، وفريد شوقى «عبدالمجيد» سادر فى غيه، فى سكره.. وبيخلف عيال، ربع مليون نسمة فى 50 يومًا أخيرة، أقرب لتحضير قنبلة سكانية ستنفجر فى وجوهنا جميعًا.

الطريق الآمن لتوقى الكارثة المحدقة (بحسب المهندس مدبولى رئيس الوزراء) تنفيذ برنامج مدته 10 سنوات ترتكز أهدافه على ألا يزيد عدد المواليد فى الأسرة الواحدة على طفلين فقط.

الوصفة سهلة، ولكن دونها «خَرْط القتاد» كناية عن الشَّىءِ البعيدِ المستحيلِ، والقتادُ نوعٌ مِن الشَّجرِ الشَّوكى الَّذى لا يُوصَلُ إليهِ إلَّا بعسرٍ ومشقَّةٍ، وخرطُ القتادِ يعنى خرطُ وإزالةُ شوكِهِ للوصولِ إلى ثمرِهِ.. وعن «خَرْط القتاد» اسألوا رجال السلف، جماعة تكاثروا!.
نقلا عن المصرى اليوم