ياسر أيوب
عشنا سنينا طويلة نتعامل مع الجمباز كلعبة هامشية لا مكان لنا فيها على المستوى العالمى.. كأننا اكتفينا بأننا فى مصر كنا أول من مارس هذه اللعبة قبل ثلاثة آلاف عام وفقا للنقوش والرسومات فى مقابر سقارة وبنى حسن والأقصر.. ولم تخرج هذه اللعبة للعالم بشكل حقيقى إلا بعدما تحولت إلى لعبة عسكرية استعان بها الألمانى فريدريك يان لمقاومة جيش نابليون بونابرت.
ثم هاجر تلاميذ يان للولايات المتحدة وقاموا بتدريب جنود جيش الاتحاد الأمريكى على الجمباز استعدادا للحرب.. وهكذا كان من الطبيعى أن يصبح الجمباز لعبة أوليمبية منذ الدورة الأولى فى أثينا 1896.. ولم تكن مصر غائبة عما يجرى للجمباز على الساحة العالمية.. فقررت وزارة المعارف العمومية فى 1918 إدخال الجمباز للمدرسة المصرية.. وشارك الجمباز المصرى فى دورة أنتيويرب الأوليمبية 1920 بأحمد طبوزادة وقابيل محمود.
وتأسس الاتحاد المصرى للجمباز 1934 ثم أعيد تأسيسه من جديد 1942 وانضم للاتحاد الدولى 1946 لكن بدون نتائج ونجاحات عالمية.. ومن جديد تحول الجمباز للعبة هامشية بعد الحرب العالمية الثانية وكادت تخرج من الألعاب الأوليمبية لولا الصراع السياسى بين أمريكا والاتحاد السوفييتى أثناء الحرب الباردة فعادت الروح للجمباز من جديد.. وفى تلك الأثناء فاز لاعب جمباز مصرى موهوب اسمه محمود رضا بأول ميدالية للجمباز المصرى فى أول دورة للألعاب العربية 1953.
ولم يكمل محمود رضا مشوار الجمباز وأسس فرقة للرقص فى نادى هليوليدو أصبحت بعد قليل هى فرقة رضا للفنون الشعبية.. وتوالت نجاحات الجمباز المصرى عربيا وإفريقيا، وبدأنا نمتلك لاعبات ولاعبين حققوا نجاحات، ومصريين نجحوا إداريا فى شغل مناصب مهمة فى الاتحاد الدولى للجمباز لكن دون أى وجود حقيقى أو حتى منافسة على المستوى الدولى.
وبدأ تغيير حقيقى فى رؤيتنا للجمباز بعد ذهبيتين فى كأس العالم منذ عامين للرائعين على زهران ونانسى طمان.. ثم جاءت بطولة العالم الأخيرة للناشئين فى تركيا ليبقى الأمل قائما وتستمر هذه الروح الجديدة.. ففى هذه البطولة فاز يحيى زكريا بالميدالية البرونزية على جهاز المتوازى.. وفى نفس البطولة.. فاز المنتخب المصرى بالمركز التاسع فى الجمباز الفنى وهى أفضل نتيجة فى بطولات العالم لمنتخب مصر.
ولست أريد تقديم الشكر والتحية للاتحاد المصرى للجمباز برئاسة إيهاب أمين لهذه الميدالية وهذا الترتيب أو لأن مصر فى نهاية أبريل الحالى ستستضيف بطولة لكأس العالم.. إنما الشكر لإيهاب أمين وكل زميلاته وزملائه فى إدارة الاتحاد المصرى لأنهم نجحوا فى تغيير فلسفة اللعبة فى مصر.. فلم نعد قانعين بنتائجنا المحلية والعربية والإفريقية، وأصبح لدينا طموح.
وهى خطوة تأخرت كثيرا، وسواء جاءت نتائج أو تأخرت، فالمهم هو تغيير هذا الفكر القديم.. وهو ما نجح فيه الاتحاد الحالى للجمباز المصرى الذى اقتنع وأقنع لاعباته ولاعبيه بنهاية زمن شرف المشاركة، وأن نكتفى بدور ضيوف الشرف فى بطولات العالم.. وهذا بالفعل ما يستحق الشكر والتحية وانتظار الأحلام البعيدة.
نقلا عن المصرى اليوم