بقلم جيسيكا شحاته
قبل نومى، أخدت أتساءل كثيراً كيف آمن ذاك سريعاً؟ وبالأكثر كيف حسب الله إيمانه اللحظي وقَبلهُ ؟ كيف أدرك أن هذا هو الله ؟ من أين علم أنه يوجد حياة بعد الموت؟ وكنت اردد " أيها اللص الطوباوي ماذا رأيت وماذا أبصرتَ حتى اعترفت بالمسيح المصلوب بالجسد ملك السماء وإله الكل. ما رأيت المسيح الإله متجلياً على جبل طابور في مجد أبيه، بل رأيته معلقاً على الإقرانيون"
سمعت صوتاً يقول أنا الذي تطلبينه، طرحت أمامه بعض أسئلتي، فبدأ يحكي لي القصة من واقعه هو قائلاً: بينما كنت أتحدث بتهكمٍ عليه أنا وصديقي، أوقف ذلك التهكم صوته المبحوح. أصابني الذهول عندما رأيته كيف يطلب الغفران لصالبيه فأنا لم أري هذا من قبل!! لو كان بيدي أن أطلب لطلبت أشر إنتقام منهم؛وكيف كان صامتاً أمام سخرية الجند الرومان واليهود. لماذا لا يُجيب؟! فأي إنسان مكانه لكان رد كل تلك السخرية إليهم، فماذا يمنعه وهو بعد قليل سيموت؟ لكن ذلك الوديع المتواضع فضل الصمت. ولفت نظري العنوان المكتوب فوقه "هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ". ولما لا ؟! فإن لم يكن هو ملكاً فمن يكون ؟!، هو يستحق بالفعل، فقد سمعت عنه أنه " يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ"(أع 10 : 38). يُحب العشارين والخطاة، يُنادي بأنه جاء لهذه الفئة -تلك التي انا منها – الخطاة والزناة المرذولين من الجميع وأولهم الكهنة والكتبة والفرسيين.
نظرت إليه وإذا بي أرى ملك ذو هيبة وقوة ووقار -رغم شده جراحاته وعنف ألمه- فهربت مشاعر الخوف وسرت المهابة داخلي كفيضان المياه، فتحرك قلبي، شعرت بالحب منه وإليه، وصرتُ أتساءل هل هو أيضاً جاء لأجلي!! ، أنا مقبول عنده رغم كل ما فعلت؟!! ، أنا استحق الموت أما هو فبار "لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ". خرجت منى هذه القوة لتعلن افتراء اليهود وظلم الحكم الروماني أصبحت لا أخشي شيئاً، قررت أن أكون حقيقياً عادلاً ولو في آخر لحظات حياتي. أخذت اُحذر صديقي أن يخاف الله ويكف عن التجديف معترفاً "أَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا" ولكن لم يسمع لي.ورأيت كيف كانت الطبيعة هائجة معترضة على ما يحدث، لم يكن كل ما يحدث عادياً، فصدقت حقاً أنه الله الملك المخلص المحب للبشر الخطاة. لم أستطع أن اتلفظ بكلمة إلا "اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ". أدخلت هذه الكلمات الطمأنينة والفرح إلى قلبي على يقين تحقيق وعد كلِمتهُ، وسأبقى معه ولن يتركني للأبد. فأسلمت الروح بعده في سلام. لأكون في الفردوس معه داخلاً بفدائه.
استيقظت من غفوتي وأنا فرحة بهذا اللقاء. كنت أتمنى لو طال قليلاً، لكن للحديث بقية في السماء ليُجيب على باقي أسئلتي ذاك الذي يُدعى سارق الملكوت.