حمدي رزق
لم يُخيِّب عامة الطيبين الظن بهم، وسيل التهانى ينهمر يغسل الأرض الطيبة، ستعود خضراء خصبة تنمو فيها بذور المحبة المطمورة في ضمائر المصريين.
سيل التهانى يُفرح القلب، والقلب الاخضرانى يا بوى، صدحت فيه الأغانى يا عين، كل هذا الجمال، كل هذه المحبة، فعلًا قرّب حبة تزيد محبة، معلوم أن مَن يحب الله يحب أخاه في الله، ويسعى إليه مُهنِّيًا، مُبارِكًا، ولو برسالة، ولو بهاتف، ولو بخطوة.
صدقتَ يا حبيبى يا رسول الله، صلى الله عليك وسلم. قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، لا تبخلوا بالمحبة، وسارعوا في الخيرات، والمحبة لا تكلف مشقة، المحبة نعمة مش خطية، قولها للطير. للشجر. للناس. لكل الدنيا، قول الحب نعمة مش خطية، الله محبة، الخير محبة، النور محبة.
المحبة راكزة كالمعدن النفيس في أعماق الشعب المصرى الجميل، متجذرة في ضميره الإنسانى منذ فجر الحضارة، ويضرب نموذجًا ومثالًا حيًّا في أحاديثه الجميلة، وأفعاله على الأرض.
لن نُعدد الأمثلة، سيل التهانى موصول بين عيد القيامة وعيد الفطر يُغنينا عن المثال، الفيس مرشوم تهانى حلوة، ملعلع بصور وأشعار وهلال أخضر منور.
المصريون مفطورون على فقه المحبة، المحبة والحمد لله تفيض على شطآن النيل، المحبة ظاهرة للعيان، والمصريون يحبون الحب في أهله ويمقتون الكره في أهله، ويعالجون الكراهية بماء المحبة.
المحبة شعور إنسانى راقٍ، يلمسونها، ويعيشونها، ويغتبطون بها، وكما يقول المعلم «جبران خليل جبران»، في مأثوراته: «المحبة هي الحرية الوحيدة في هذا العالم لأنها ترفع النفس إلى مقام سامٍ لا تبلغه شرائع البشر وتقاليدهم ولا تسوده نواميس الطبيعة وأحكامها».
نهر المحبة يجرى في الأرض الطيبة، المحبة تفيض على الضفاف، منسوب المحبة والحمد لله مرتفع بين الأحباب، وكلٌّ يهنئ وكلٌّ يبارك، غارت مياه الكراهية بعيدًا، ونضب مصرف الغلو والتشدد، واختفت من المشهد المصرى وجوه دعاة الكراهية.
وصلنا، والحمد لله، إلى «مربع المحبة» بعد جهد جهيد وإخلاص المخلصين المستنيرين لرسالتهم، غسيل الوجوه بماء المحبة، الوضوء الوطنى من دنس الكراهية.
والمؤذن يؤذن بالصلاة في محراب التسامح، المصرى الطيب لم يعرف يومًا تمييزًا، حتى في الأسماء، كانت الأسماء مشتركة، وكانت البيوت متلاصقة، والجار للجار حتى سابع جار، مودة ورحمة وإيثارًا.
مرّت عقود الكراهية طويلة كئيبة، كنا نتشوق لنسيم المحبة يجمع بين الأحباب، اللمة والعشرة والناس الطيبة، هبّت علينا رياح الهبوب تلفح الوجوه بفتاوى متفجرة، تم إبطالها، والتوقِّى منها، لقاح المحبة كان فعالًا في وأد فيروسات الكراهية المتحورة إخوانًا وسلفيين، وقانا الله منهم أجمعين.
مطلوب «هَشّ» الغربان والحدادى الناعقة بالطائفية من شجر الوطن، وكبح شرورها أقوالًا وأفعالًا بالقانون، القانون وجاء، وقاية، من أمثالها، وإن لم تَرْعَوِ لأدبيات العيش الكريم المشترك، فالعقاب المجتمعى سيردعها عاجلًا، غير آجل، فالوطن لا يحتمل أمثالها، ولا أتباعها، سيجرفها نهر المحبة يجرى رقراقًا في الأرض الطيبة.
نقلا عن المصرى اليوم