سحر الجعارة
يوماً بعد يوم يتأكد للعالم أن مصر كانت سباقة فى الاهتمام الشديد بـ«ذوى الهمم»، والدفع بهم إلى مجالات جديدة بعد فترة طويلة من تجاهل احتياجاتهم وحقوقهم.
فمؤخراً انضمت دمية جديدة إلى سلسلة «Mattel Barbie Fashionistas» (باربى المواكبة للموضة من ماتيل)، وتهدف إلى تقديم شخصيات دُمى باربى التى تعكس تنوعاً جمالياً أوسع للأطفال، وتحارب وصمة العار المتصلة بالإعاقات الجسدية.
وأشارت شركة «ماتيل»، فى بيان، إلى أنّها تعاونت على نحو وثيق مع الجمعية الوطنية لمتلازمة داون (NDSS) لتصميم شكل الدمية، وميزاتها، وملابسها، وإكسسواراتها، وعلبتها، للتأكد من أنها تمثل بدقة شخصاً مصاباً بمتلازمة داون.
هذه الخطوة غير المسبوقة فى عالم ألعاب الأطفال والتى تمت وسط حفاوة عالمية ذكرتنى بالسبق المصرى فى تاريخ الإنسان، وأعنى المذيعة «رحمة خالد».. هى من أشهر البنات المثابرات لتحقيق أحلامهن.
وحققت إنجازات كثيرة رغم أن المجتمع والناس يصنفونها من ذوى الاحتياجات الخاصة.. فهى تعانى من «متلازمة داون»، لكنها قررت أن تلعب «سباحة وتنس وسلة»، وأحرزت بطولات وميداليات كثيرة جداً، من ضمنها 7 «دولية»، ومثَّلت مصر فى عدة بلدان، وهى بطلة سباحة فى مصر من 2008، وتم اختيارها شخصية ملهمة ومؤثرة فى 2015.
لكن الطفلة التى كبرت وكانت ترفض أن لديها «إعاقة» ظلت تحلم بأن تعمل بالإعلام.وكانت «رحمة» تقول: (إن الإعلام هو أقصر طريق يوصل وجهة نظر للناس، وهى لو ظهرت كإعلامية أو كواحدة بتقول رأيها ده هيغير وجهة نظرهم تجاه متلازمة داون، بدل ما أول ما يبصوا يقولوا: «يا حرام»).
وفى أول فبراير 2018، بدأت أسرتها تتواصل مع قناة «DMC»، ثم ظهرت «رحمة» فى لقاء مع الإعلامى رامى رضوان فى برنامج «8 الصبح»، وقال لها: «يا رحمة انتى عايزة إيه؟»، قالت إنها عايزة تبقى مذيعة، فقال لها: (خلاص أوعدك تبقى مذيعة معانا فى برنامج «8 الصبح»).
وبالفعل ظهرت «رحمة» على شاشة «Dmc» واثقة من نفسها، مسيطرة على أدواتها -رغم بساطتها- تتقن السيطرة على «لغة الجسد»).
أصبحت «رحمة» من الملهمات، وبعد رحلة طويلة خاضتها بين بطولات السباحة، وتقديم البرامج الحوارية، بل وحضور الفعاليات الكُبرى، وثقت كواليسها بفيلم «رحمة» للمخرج محمد الحامدى، الذى فاز بجائزة أفضل فيلم يعالج قضايا متلازمة داون فى مهرجان الأمل السينمائى الدولى لذوى الهمم فى روما.
وفى يناير من هذا العام قدمت «رحمة» إحدى فقرات الاحتفالية السنوية «قادرون باختلاف» وأشاد بأدائها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» قائلاً: «يا رحمة أنتِ مذيعة جبارة جداً.. ما شاء الله إيه ده كله ده».. قررت أن أبحث على الإنترنت عن حالة مماثلة لرحمة فلم أجد وهو أمر يحتاج لبحث وتوثيق أكبر وأدق.
المهم أن الإنجاز الذى حققته مصر على أرض الواقع غير نظرة الناس الخاطئة عن ذوى متلازمة داون وأكد أنهم يمكنهم العيش والتعامل والتعلم مثل باقى البشر.. فما قيمة «عروس باربى» فى هذا الصدد؟.
يقول «كاندى بيكارد»، رئيس الجمعية الوطنية لمتلازمة داون (NDSS) ومديرها التنفيذى فى بيان: «هذا الأمر يعنى الكثير بالنسبة لأفراد مجتمعنا، الذين يمكنهم لأول مرة اللعب بدمية باربى تشبههم».
ولفت إلى أنّ دمية «باربى هذه هى بمثابة تذكير بأنه لا ينبغى لنا أبداً التقليل من قوة التمثيل.. إنها خطوة كبيرة إلى الأمام فى مجال الشمولية، وحدث نحتفل به».
لقد وقعت الشركة الأشهر فى العالم لإنتاج العرائس فى فخ تقديم نموذج مثالى لنوع الجسد الأنثوى الذى يتميّز بنسب غير واقعية للفتيات.
فمنذ ظهورها الأول فى عام 1959، حافظت دمى باربى على بشرتها ذات اللون الفاتح، بيضاء اللون، وعلى كونها نحيلة، وشقراء، وتتمتّع بخصر ضيق للغاية، وبقى هذا الواقع على حاله إلى أن انخفضت مبيعات هذه الدمية فى عام 2016، فما كان من شركة «ماتيل» إلا أن قامت بتصميم باربى أكثر واقعية.
الآن، تضم سلسلة دمى باربى دمية ذات ساق صناعية، وأخرى تستخدم معينات سمعية، بالإضافة إلى دمية تجلس على كرسى متحرك.العالم يتغير من حولنا يحاول محو النظرة اللاستعلائية لللمرض على أنه «وصمة عار» بكل السبل.. الدمية كفيلة بتحقيق السلام النفسى للأطفال المرضى والتصالح مع المجتمع المحيط بهم ونشر الوعى العام.. أما نحن فلدينا نموذج «من دم ولحم» أبهر العالم والآن تنشر «رحمة» بنفسها «الوعى» على السوشيال ميديا.
نقلا عن الوطن