كتب - محرر الاقباط متحدون
نفذ قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، زيارة رسولية إلى المجر، و التقى قداسته الأساقفة والكهنة والشمامسة والمكرسين والإكليريكيين والعاملين الراعويين في كاتدرائيّة القديس اسطفانوس في بودابست وبعد أن استمع إلى بعض شهادات الحياة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:

 يسعدني أن أكون هنا مرة أخرى بعد مشاركتي معكم في المؤتمر الإفخارستي الدولي الثاني والخمسين.

لقد كانت لحظة نعمة عظيمة وأنا متأكد من أن ثمارها الروحية ترافقكم. في هذا العالم المتغير نريد أن نشهد أن المسيح هو مستقبلنا.

إنها إحدى أهم الاحتياجات بالنسبة لنا، ولكن هذا الأمر ممكن فقط من خلال النظر إلى المسيح كمستقبلنا.

إن حياتنا، على الرغم من هشاشتها، قد وضِعَت بشكل ثابت بين يديه. وإذا نسينا هذا الأمر، فنحن أيضًا، رعاة وعلمانيون، سنبحث عن الوسائل والأدوات البشرية لكي ندافع عن أنفسنا من العالم، وننغلق في واحاتنا الدينية المريحة والهادئة؛ أو، على العكس، سوف نتأقلم مع رياح الحياة المتغيرة في العالم.

وعندها، ستفقد مسيحيتنا قوتها ولن نكون بعدها ملح الأرض. هذان، إذن، هما التفسيرين - أود أن أقول التجربتين - اللتين علينا أن نتنبّه منهما دائمًا ككنيسة: القراءة الكارثية للتاريخ الحالي، التي تتغذى من انهزامية الذين يكررون أن كل شيء قد ضاع، وأنه القيم التي كانت في الماضي لم تعد موجودة، وأننا لا نعرف أين سينتهي بنا الأمر.

 ثم الخطر الآخر، وهو قراءة زمننا بسذاجة، وهي قراءة تقوم على راحة التطابق وتجعلنا نعتقد أنه في النهاية كل شيء سيسير على ما يرام، وأن العالم قد تغير الآن وأننا بحاجة إلى أن نتكيّف مع ذلك.

تابع البابا فرنسيس يقول في هذا الصدد، أود أن أتحدث بإيجاز عن الصورة الجميلة التي استخدمها يسوع: صورة شجرة التين. يقدمها لنا في سياق هيكل أورشليم. وإلى الذين كانوا يُعجبون بأحجاره الجميلة ويعيشون هكذا نوعًا من التطابق الدنيوي، واضعين ضماناتهم في فُسحة المقدَّس وعظمته الجليلة.

يقول يسوع أنه لا يجب أن نعتبر على هذه الأرض أبدًا شيئًا مطلقًا وغير قابل للتغيير، لأن كل شيء زائل ولَن يُترَكَ حَجَرٌ على حَجَرٍ مِن غَيرِ أَن يُنقَض؛ ولكن في الوقت عينه، لا يريد الرب أن يقودنا إلى الإحباط أو الخوف. ولذلك يضيف: عندما يزول كل شيء، وعندما تنهار الهياكل البشرية، وتحدث أشياء مروِّعة ويكون هناك اضطهادات عنيفة، "حينَئذٍ يَرى النَّاسُ ابنَ الإِنسانِ آتِياً في الغَمام في تَمامِ العِزَّةِ والجَلال". وهنا يدعونا لكي ننظر إلى شجرة التين: "مِنَ التِّينَةِ خُذوا العِبرَة: فإِذا لانَت أَغْصانُها ونَبَتَت أَوراقُها، عَلِمتُم أَنَّ الصَّيفَ قَريب. وكذلكَ أَنتُم إِذا رأَيتُم هذهِ الأُمورَ تَحدُث، فَاعلَموا أَنَّ ابنَ الإِنسانِ قَريبٌ على الأَبواب". لذلك نحن مدعوون لكي نقبل كنَبَتَة خصبة الزمن الذي نعيش فيه، مع تغيراته وتحدياته، لأنه من خلال هذا كل بالتحديد - يقول الإنجيل - يقترب الرب. لذلك نحن مدعوون لكي نعزز زمننا هذا، ونقرؤه ونزرع فيه الإنجيل، ونُقلِّم أغصان الشر الجافة، ونُثمر.