مع مناخ شبيه بالأرض ومحيط يتدفق عبر سطحه ، كان المريخ في يوم من الأيام مكانًا مختلفًا تمامًا عن العالم الجاف القاحل الذي هو عليه اليوم.

 
ومع ذلك، فإن ما بقي لغزا هو المكان الذي ذهبت إليه كل هذه المياه، حيث يعتقد العلماء أن معظمها من المحتمل أن يكون محاصرًا في الطبقة الخارجية للكوكب أو القشرة.
 
أدى هذا إلى الاعتقاد السائد بأنه موجود حاليًا فقط في شكل صلب في الصخور وكغاز في بخار الماء، لكن اكتشافًا جديدًا مثيرًا يشير إلى وجود اختلاف في السوائل أيضًا.
 
إلا أن أملًا جديدًا لاح في الأفق بشأن هذا الأمر، فاكتشفت المسبار الصيني Zhurong، الذي هبط على الكوكب الأحمر في عام 2021، دليلاً على وجود هذه المياه السائلة على الكثبان الرملية عند خطوط العرض المنخفضة، أي باتجاه خط الاستواء وبعيدًا عن أقطابها.
 
وقال العلماء، بحسب ما نقلته «ديلي ميل»، إن الماء السائل يتشكل عندما تتسبب الأملاح في الكثبان الرملية في ذوبان الصقيع في درجات حرارة منخفضة.
 
ومع ذلك، فمن المحتمل أن يظل الماء في هذه الحالة لفترة قصيرة فقط، حيث يكون المريخ باردًا جدًا بحيث لا يمكن للماء أن يظل سائلًا على السطح.
 
في العام الماضي، اقترح فريق دولي من الباحثين أن المياه السائلة قد توجد تحت الغطاء الجليدي القطبي الجنوبي للمريخ، بينما تم اكتشافها في عام 2009 على إحدى ساق المسبار «فينكس لاندر» في المنطقة القطبية الشمالية للكوكب.
 
وقال العلماء الذين حللوا هذا الاكتشاف، أنه بناءً على درجة حرارة الساق، ووجود كميات كبيرة من أملاح «البركلورات» المكتشفة في التربة، فإنهم يعتقدون أن القطرات كانت على الأرجح مياهًا سائلة مالحة وطينًا تناثر على المركبة الفضائية عندما هبطت.
 
رغم ما سبق، فإن هذه الدراسة الجديدة هي أول دليل رصدي للمياه السائلة عند خطوط العرض المنخفضة بدلًا من خطوط العرض العالية، وفسروا: «السبب الرئيسي في ذلك هو أن درجات حرارة السطح تكون أكثر دفئًا نسبيًا بالقرب من خط الاستواء، مما يعني أن الظروف أكثر ملاءمة للحياة من تلك الأقرب إلى قطبي الكوكب».
 
وصرح البروفيسور تشين شياوجوانج، من الأكاديمية الصينية للعلوم (CAS) والذي قاد الاكتشاف: «هذه الجهود مهمة لفهم التاريخ التطوري لمناخ المريخ والبحث عن بيئة صالحة للسكن، وتقديم أدلة رئيسية للبحث المستقبلي عن الحياة».
 
استخدم الخبراء البيانات التي حصلوا عليها بواسطة كاميرا الملاحة والتضاريس (NaTeCam) ، وكاميرا متعددة الأطياف (MSCam) ، وكاشف تكوين سطح المريخ  (MarSCoDe)، بما سمح لهم بدراسة السمات السطحية والتركيبات المادية للكثبان الرملية في منطقة هبوط المركبة.
 
كشف تحليل الخبراء أن الطبقة السطحية من الكثبان الرملية كانت غنية بالكبريتات المائية والسيليكا المائية وأكسيد الحديد وربما الكلوريدات.
 
ووفقًا لبيانات الأرصاد الجوية المقاسة من قب المسبار الصيني، استنتج الخبراء أن خصائص سطح الكثبان الرملية هذه كانت مرتبطة بتورط المياه المالحة السائلة المتكونة من الذوبان اللاحق للصقيع على أسطح الكثبان الرملية المحتوية على الملح عند حدوث التبريد بحسب «تشين».
 
يفترض مؤلفو الدراسة الجديدة أن خطوط العرض المنخفضة تبرد أثناء الانحراف الكبير للكوكب الأحمر، كما هو الحال حاليًا، مما يؤدي إلى الصقيع والثلج الذي يصلب الكثبان ويترك آثارًا من المياه المالحة.
 
هذا على الرغم من الضغط المنخفض للغاية ومحتوى بخار الماء مما يجعل من الصعب على الماء السائل أن يتواجد بشكل مستدام على هذا الكوكب اليوم.
 
لهذا السبب اعتقد الخبراء أن الماء لا يمكن أن يوجد إلا في أشكال صلبة أو غازية، لكن حتى الآن، لم يُظهر أي دليل وجود الماء السائل عند خطوط العرض المنخفضة على سطح المريخ، وهذا هو السبب في أن هذا الاكتشاف قد يكون مثيرًا.
 
يعتقد الخبراء أن هناك ظروفًا معينة يمكن أن تظهر فيها المياه السائلة في بعض أجزاء المريخ الحالية.