ياسر أيوب
بعدما لعب للمنتخب الكروى الأول لكوريا الجنوبية وعدد من الأندية الكبرى هناك.. ابتعد «كيم شين هون» عن كرة القدم بعد الاعتزال وقرر العمل بالتجارة.. ولم ينجح كيم فى أى مشروع بدأه فى بلده، فسافر إلى إندونيسيا، لكنه فشل من جديد دون أن ييأس أو يستسلم.
وسافر إلى تيمور الشرقية ليبدأ هناك من جديد، فى الوقت الذى أعلنت فيه تيمور الشرقية استقلالها فى 2002 وانتهاء الاحتلال الإندونيسى. ورغم الاستقلال، كانت تيمور الشرقية دولة صغيرة فقيرة مزقتها الحرب الأهلية ثم الاحتلال والحرب.. ولم يكن كيم بعد وصوله إلى مدينة ديللى عاصمة تيمور الشرقية قد استقر بعدْ على مجال تجارته الجديدة هناك، وهل هو القهوة أم الأسماك.
ولم تدم حيرته طويلا بعد أن استدعاه الكولونيل تشوى شول، نائب قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التى تواجدت فى تيمور الشرقية بعد استقلالها، وكان الكولونيل أصلا لاعب كرة وقائد فريق الأكاديمية العسكرية فى كوريا الجنوبية، وبالتالى يعرف التاريخ الكروى لـ«كيم»، وأراد استغلال وجوده ليقوم بتعليم الأطفال الصغار فى تيمور الشرقية كيف يلعبون ويحبون كرة القدم.
ودارت بين الرجلين حوارات طويلة وكثيرة كانت وستبقى من أجمل وأعمق الحوارات فى تاريخ كرة القدم.. فالكولونيل كان يرى أن كرة القدم هى الوسيلة الوحيدة المتاحة لإدخال البهجة لهؤلاء الصغار الفقراء المحرومين من كل شىء.. وطلب من كيم أن يُعلّم هؤلاء الأطفال كيف يلعبون، والأهم أن يعلّمهم كيف يحلمون.
وكان كيم فى المقابل يرى صعوبة ذلك بعدما رأى بنفسه هؤلاء الأطفال وكيف يعيشون ولا يملكون أى شىء، لدرجة أنهم طول الوقت حفاة، لا تملك عائلاتهم ما لا يكفى لشراء حتى أحذية قديمة مستعملة.. وفى النهاية، وافق كيم على القيام بهذه المهمة المستحيلة وأن يبدأ من الصفر مع أطفال لا يملكون أحذية فى دولة لديها جروح وأزمات لم تسمح لها بعد بالوقوع فى حب كرة القدم.
وبالفعل، بدأ كيم يجمع هؤلاء الصغار ويجلس معهم ويشترى لهم أحذية ويُعلّمهم قواعد كرة القدم.. وبعد نجاحه المبدئى، فوجئ كيم بالكولونيل تشوى يأخذه ليقابل الرئيس جوسماو، أول رئيس لتيمور الشرقية بعد الاستقلال، وطلب الرئيس من كيم تشكيل أول منتخب كروى من هؤلاء الصغار يلعب باسم تيمور الشرقية.. وتأسس المنتخب.
وبعد ثلاث سنوات كانت المفاجأة، فاز هؤلاء الصغار على منتخبات كبرى مثل كوريا الجنوبية واليابان.. وتحققت نبوءة الكولونيل حين قال لكيم إن هؤلاء الصغار يحتاجون لمن يعلمهم كيف يحلمون، وأن كرة القدم ستمنحهم الفرحة التى يحتاجون إليها فى حياتهم الصعبة والقاسية.. وكانت حكاية كروية استثنائية للغاية وجميلة أيضا، واستحقت أن تكون موضوعا لفيلم سينمائى أنتجته كوريا الجنوبية واليابان فى 2010 بعنوان «حلم القدم الحافية».
وبعد عرض الفيلم، سارع عدد من رجال الأعمال فى كوريا الجنوبية وقدموا أموالا كثيرة لهؤلاء الصغار ولكرة القدم فى بلد لم يعرف الفرحة لأول مرة إلا فى ملاعب كرة القدم.
نقلا عن المصرى اليوم