د. أمير فهمي زخارى المنيا
هذا المقال التاسع من سلسله مقالات سأتولى نشرها تباعا... نحكى المثل الشعبي وقصته وما يقابله في الكتاب المقدس من آيات وتأمل بسيط حوله للاستفادة منه في حياتنا ... وسبقه ثمانيه أمثال يمكن الرجوع اليهم على صفحتي وهم
١- " من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".
٢- " القرعة تتباهى بشعر بنت أختها".
٣- "اللي تكسب به إلعب به".
٤- " جاك كسر حُقك".
٥- "احفر نفق بمسمار ولا تجادل واحد حمار".
٦- “قاعد للسقطة واللقطة” ٧- “يدفن رأسه في الرمال مثل النعامة”.
٨- " من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله"...
وإليكم المثل التاسع:
مثل انجليزي يقول: لا تحكم على الكتاب من غلافه....
مثل عربي يقول : الكتاب باين من عنوانه....
يُضرب فيمن ظاهره يخبر عما به أو عن باطنه. ومثله المثل: (الجواب يبان من عنوانه) و (الكتاب ينقري من عنوانه) و (المكتوب يبان من عنوانه) و (المكتوب ينقري من عنوانه) و (الكتاب يبان من عنوانه)
“الجواب” يقصد به بالمصرية العامية “الخطاب”.
وهذا التعبير المتداول، يعني أن الخطاب يُمكن التكهُّن بمحتواه من المظروف الخارجي والعناوين المكتوبة عليه، عنوان الراسل والمرسل إليه وطريقة كتابتهم.
ويُقال هذا المثل للدلالة على أن المظهر الخارجي أو الانطباع الأول يوحي بالجوهر.
ونحن نحتاج أن ننظر إلى هذا المثل من جانبين:
فمن الجانب الأول، عندما ننظر لأمر ما، أو لشخص ما، فعلينا ألا نتعجل في إصدار الأحكام الفورية بناء على أول ما تراه عيوننا. فالرب سبق وحذَّر بالقول «لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا7: 24). فكثيرًا ما كان انطباعنا سلبيًا عن البعض بسبب “عدم استلطاف” أو كلمة أسأنا فهمها أو مظهر لك يلقَ قبولنا؛ ثم أثبتت لنا الأيام غير ذلك تماما.
والعكس أيضًا صحيح، فكم من أشخاص انخدعنا في مظهرهم، فإذ بهم يتم فيهم قول الرب «تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا» (متى23: 27-28). فلنتحذر إذًا من قراءة الخطاب من عنوانه فقط، بل دعونا نتفحص محتوياته قبل أن نكوِّن رأيًا في محضر الرب.
من الجانب الآخر علينا أن نتذكر أننا «رِسَالَةُ الْمَسِيحِ»، «مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ» (2كورنثوس3: 2-3).
فعلينا دائمًا أن نسأل أنفسنا: “ماذا يرى الناس فينا؟” بل لنكن مدققين بالأكثر ونسأل أنفسنا “ماذا يرى الناس في عنوان الجواب؟”.
قال لنا السيد «أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ... فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ (عنوان الجواب)، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى5: 14-16).
وقد شرح لنا الرسول بطرس الأمر بتفصيل قائلاً: «أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا» (1بطرس2: 11-12).
فجدير بنا أن نراعي ذلك، ولنسأل أنفسنا إزاء كل قول أو فعل أو مظهر:
“ماذا سيقرأ الناس فينا كعنوان لرسالة الله لهم؟”
والى اللقاء في الجزء العاشر... تحياتي.
د. أمير فهمي زخارى المنيا