د. أمير فهمى زخارى المنيا
ذاكرة الذبابة والسمكة
ذاكره الفيل والجمل
ذاكرة السمكة

هل تعرفون أن «الذبابة «تتمتع بذاكرة ضعيفة جداً لا تتجاوز ثلاث ثوانٍ فقط، وتنسى بعدها كل شيء!، لذلك حين تُحلق الذبابة حولك لتحط على أنفك وتهشها بعيداً؛ تعود إليك بعد ثلاث ثوانٍ ناسية أنها تعرَّضت للخطر من يدك بضربة تودي بحياتها!.

ذاكرة الذبابة
فالسمكة تأكل الطعم من السنارة وقد تفلت منها ولكنها تعود مرة ثانية.
نقول دائمًا لمن ينسى ما فعله فور حدوثه بأن لديه ذاكرة ذبابه أو ذاكره سمكة...

لذلك يضرب الناس الأمثال بذاكرة السمكة أو الذبابه القصيرة لكل من لا يتأثرون من تجاربهم السابقة ولا يتعظون بماضيهم، فيقال إن له ذاكرة سمكة أو ذاكره ذبابه فلا يتذكر ما حدث.

وعلى الجانب الآخر فإن الفيل – وربما الجمل أيضًا – حيوان مختلف له ذاكرة طويلة الأمد، فقد يضربه مدربه مرة فلا ينسى ويتذكر ذلك بعد سنوات فيلف خرطومه على وسط ضاربه ثم يقذفه فى الهواء لأن ذاكرته احتفظت بما جرى ولم تسقط منها أحداث وقعت لها، وكذلك فإن من يتذكر ما حدث لمدة طويلة ويستعيده بعد فترة من الزمن ويتصرف وفقًا له نقول عنه إنه يملك ذاكرة الفيل، وأحيانًا قالت العرب ذاكرة الجمل باعتباره الحيوان الذى يعيش معها وتدرك تصرفاته من البيئة التى تضمه مع رعاة الإبل وعشاق (سفينة الصحراء)...

 أنا كتبت هذا المقال اليوم، لأني اكتشفت أن البشر صنفان، أحدهما يملك ذاكرة السمكة أو الذبابه، والثاني يملك ذاكرة الفيل أو الجمل،

والصنف الأول لا يتعلم من أخطائه ولا يدرك الخطر إلا بعد فوات الأوان وهو يرتكب ذلك الخطأ مراتٍ عديدة دون أن يتعلم أو يرتدع، بل هو فى كل الحالات غير واعٍ لما جرى له ولا مدرك لما فعل، وهذا النوع من البشر مسكين بطبيعته مغلوبٌ على أمره لا يدرك مغبة ما فعل، فهو لا يتذكر القريب ولا البعيد زمانًا أو مكانًا فهو ابن لحظته يملك ذاكرة السمكة بقصرها وسطحيتها وقلة تأثيرها،

أما الصنف الثاني من البشر فهو مختلف لأن لديه ذاكرة عميقة تحتفظ بالأحداث سنين عددًا وتختار الوقت المناسب للرد الرادع من جانبها،

ولقد شاعت فى السنوات الأخيرة نسبة المصابين بمرض ألزهايمر الذي يؤدى إلى فقدان الذاكرة وتكرار الحديث فى الموضوع الواحد عدة مرات ربما فى ذات الجلسة، وهو المرض الذى أطلق عليه الأقدمون مرض الخرف، وتساءل الكثيرون لماذا زادت نسبة الإصابة به، وواقع الأمر أن الذى حدث أن مستوى الأعمار قد طال ولأن هذا المرض اللعين يزور البشر غالبًا فى السن المتقدمة لذلك فإن ارتفاع مستويات الأعمار قد أتاح وجود نسبة أكبر نعرفها ونتعامل معها من مرضى ألزهايمر...

ولقد عانى منه كثيرٌ من الشخصيات الكبرى فى التاريخ بدءًا من محمد على مؤسس الدولة المصرية الحديثة وصولاً إلى رونالد ريجان الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية، والفنان العالمي عمر الشريف الذى كان لا يتعرف أحيانًا على صديقه الذى عاش معه سنوات فى الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور زاهي حواس.

ولذلك فإنني أعتقد أن هذا المرض يداهم من بذلوا مجهودًا أكبر فى حياتهم وخاضوا معارك إنسانية ومروا بتجارب عميقة أكسبتهم قدرًا هائلاً من الصمود والقدرة على المقاومة، وعندما دخلوا فى خريف العمر أصابتهم لعنة الحياة...
أنا أحب هذا الدعاء "اللهم اجعل خير أيامنا خواتيمها واجعل خير أعمالنا آخرها"،
لأن فقدان الذاكرة فى سن متقدمة أمر مؤلم بل ومهين أحيانًا... تحياتى.

د. أمير فهمى زخارى المنيا
-----------------------------------------------------------------------------------------
في المقال القادم:
للرجال ذاكرة السمك أو الذبابه… وللنساء ذاكرة الأفيال والجمال!
نصائح للتغلب على مشكلات النسيان وعدم التذكر...