سحر الجعارة
يبدو أن الهوس الجماعى بـ«الذكاء الاصطناعى» والبحث فى لهفة عن برامجه، وتعلم صناعة الصور وعمل الدردشات ومحاوله إتقان التعامل معه، قد يتحول هذا الهوس أو الشغف إلى «كابوس»!
لقد قدّم «جيفرى هينتون» -الذى ينظر إليه على نطاق واسع كأب روحى للذكاء الاصطناعى- استقالته محذراً من الأخطار المتزايدة الآتية من عمليات التطوير فى هذا المجال.
وأعلن هينتون (75 عاماً) استقالته من «غوغل» فى بيان أرسله لصحيفة نيويورك تايمز، قائلاً إنه نادم الآن على عمله.
وقال إن بعض مخاطر روبوتات الدردشة الذكية «مخيف للغاية».. وأضاف: «فى الوقت الحالى، هم ليسوا أكثر ذكاء منا بقدر ما أستطيع أن أقول. لكننى أعتقد أنهم سيصبحون قريباً».. ومهدت أبحاث هينتون الرائدة حول التعلم العميق والشبكات العصبية، الطريق أمام أنظمة الذكاء الاصطناعى مثل «شات جى بى تى».
لكن هينتون البريطانى - الكندى المتخصص فى علم النفس المعرفى وعلوم الكمبيوتر، قال: إن برنامج الدردشة الآلى يمكن أن يتجاوز قريباً مستوى المعلومات التى يحتفظ بها الدماغ البشرى.
ولفت فى المقال الذى أرسله إلى «نيويورك تايمز» إلى أن «جهات سيئة»، قد تحاول استخدام الذكاء الاصطناعى لفعل «أمور سيئة».. وقال: «هذا فقط نوع من السيناريو الأسوأ، نوع من السيناريو الكابوس».
وفى محاولة لاستقراء أبعاد هذا الكابوس، أثار المصور الفائز بواحدة من أبرز جوائز التصوير الدولية جدلاً بعد رفضه تسلم جائزته، قائلاً إن صورته كانت فى الواقع من إنتاج الذكاء الاصطناعى.
كانت صورة الفنان الألمانى بوريس إلداغزين التى حملت عنوان «Pseudomnesia: The Electrician» قد فازت بفئة الإبداع المفتوح بمسابقة سونى العالمية للتصوير الفوتوغرافى، وقال إنه استخدم الصورة لاختبار المسابقة، وخلق نقاش حول مستقبل التصوير، وقال منظمو المسابقة إن «إلداغزين» ضللهم بشأن حجم الدور الذى لعبه الذكاء الاصطناعى فى إنتاج الصورة.. إنها أشهر عملية تزييف قام بها الذكاء الاصطناعى حتى الآن.
أما فى الكويت فتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعى العالم العربى مع إطلاق إحدى الصحف الإلكترونية المحلية أول مذيعة تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعى.
وأثارت المذيعة الشقراء تعليقات المغردين بعد ساعات قليلة من إعلان صحيفة «كويت نيوز»، التى يتابعها أكثر من مليون و200 ألف شخص على تويتر، عن أول مذيعة فى دولة الكويت تعمل بالذكاء الاصطناعى، مطلقة عليها اسم «فضّة».
الجدل المثار حول «فضة» كان يتجه نحو التفاؤل إلى حد كبير، فالبعض اعتبر أنهم ليسوا منافسين خطيرين، على الأقل فى الوقت الراهن، وذلك لأسباب تتعلق بلغة الجسد البشرية لا تمتلكها هذه التقنية.
أما الخطر الحقيقى فيبرز فى تقرير صدر الشهر الماضى عن بنك الاستثمار Goldman Sachs يؤكد أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل خلال الفترة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن التكنولوجيا يمكن أن تتولى أكثر من ربع مهام العمل فى الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن فى المقابل قد تخلق وظائف جديدة وتعمل على ازدهار الإنتاجية.
الآن هل يُفترض أن نخاف ونهرب من الاستفادة من هذا التقدم العلمى المذهل، ونحاول السيطرة على بعض عيوبه أو المشكلات التى يسببها.. أم أن علينا أن نهرب منه سريعاً (رغم أن الأبحاث لن تتوقف والشركات العملاقة ستلجأ إليه)؟
السيناريو الأسوأ الذى حذر منه «هينتون» أن هذا التطور فى النهاية قد «يخلق أهدافاً فرعية على سبيل المثال «أنا بحاجة للحصول على مزيد من القوة»!!
وقال: «لقد وصلت إلى استنتاج بأن نوع الذكاء الذى نطوره يختلف كثيراً عن الذكاء الذى لدينا».
«نحن أنظمة بيولوجية وهذه أنظمة رقمية. والفرق الكبير أنه مع الأنظمة الرقمية لديك العديد من النسخ من ذات مجموعة الأوزان، ومن نموذج العالم ذاته».
المشهد الآن أقرب ما يكون لفيلم من إنتاج هوليود يستعرض المصير المرعب لتحكم الآلة فى الإنسان.. معظم أفلام الخيال العلمى كانت تدور حول السفر حول الزمن وتحكم الآلة والروبوت فى الإنسان.. الآن مرحباً بك فى أفلام تتحدث عن الذكاء الاصطناعى: (لقد اختلط البشرى بالرقمى والحرب لم تحسم حتى الآن لصالح الإنسان).. رهانى دائماً على «العقل البشرى» مصنع الأفكار والاختراعات، صحيح أن بعضها أضر بالبشرية ولكن لننتظر ونرى.
نقلا عن الوطن