صلاح الغزالي حرب
أتمنى من كل قلبى أن يسفر الحوار الوطنى، الذي طالب به الرئيس السيسى منذ أكثر من عام، عن انفراجة سياسية تحترم الرأى والرأى الآخر في هذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر.. وسوف أحاول اليوم المشاركة في هذا الحوار بغير دعوة رسمية باعتبارى مواطنا مهموما بشأن هذا البلد، وذلك عن طريق فتح حوار مع بعض السادة الوزراء يتضمن أسئلة واستفسارات واقتراحات، سبق أن تحدثت عن بعضها، وللأسف، وكما هو متوقع، لم أجد استجابة من أحد، وهو ما يتنافى كلية مع توجيهات الرئيس بضرورة خلق قنوات اتصال مباشرة بين المسؤول والمواطن، وأتصور أن السبب في ذلك هو افتقار الحس السياسى والخبرة، وهو ما يؤكد الأهمية القصوى لتغيير طريقة اختيار المسؤول في كل موقع بالاعتماد على درجة الخبرة والكفاءة والقدرة والحس السياسى والأمانة وليس أي شيئا آخر..
1) إلى السيد وزير التربية والتعليم:
لم تشهد مصر من قبل فترة من فوضى التعليم كما هو حادث الآن.. فالمدارس، خاصة في السنوات النهائية، خاوية على عروشها وأوكار الدروس الخصوصية تنتشر في كل ربوع مصر بصورة مخجلة وبغير رادع من قانون، بل إنك اقترحت، في سابق الأيام، أن يتم الاعتراف بهذه الأوكار! وأولياء الأمور يكتوون بنارها مضطرين بعد أن اختفى المدرس من الكثير من المدارس، كما أن اللغة العربية قد تم إهمالها بصورة مريبة لصعوبة المنهج من ناحية وعدم كفاءة المدرس من ناحية أخرى، والأخطر من ذلك أن ظاهرة الطبقية في التعليم قد أفرزت فوارق كبيرة بين تلاميذ الوطن الواحد ما بين المدارس الحكومية والخاصة والدولية والأجنبية وغيرها.. إن تقدم الأمم يقوم أساسا على التعليم الجيد والمتميز للجميع وليس أمامنا إلا وضع خطة عاجلة لتوفير المدارس والمدرسين بالاستعانة بكليات التربية وإشراك القطاع الخاص والبنوك في هذه العملية، ثم الإسراع بإغلاق هذه الأوكار مع الاستعانة بكل من يجيد توصيل المعلومة إلى التلميذ بعد التأكد من خبرته التربوية.. فماذا أنتم فاعلون؟.
2) إلى السيد وزير التعليم العالى:
تعمل الجامعات المصرية بقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972- أي منذ أكثر من خمسين عاما- وهو ما يعنى حتمية تغيير هذا القانون تغييرا جذريا كى يتماشى مع طموحاتنا بتعليم جامعى مثمر وطموح وليس الحصول على شهادة تعلق على الحائط.. كما أن مجانية التعليم الجامعى يجب أن يعاد النظر فيها بحيث تقتصر فقط على المجتهدين والمتفوقين وعلى الراسب أن يدفع تكلفة كل مادة يرسب فيها، وما يحدث في طب القاهرة على سبيل المثال من وضع نظام تعليمى متقدم بتكلفة مالية باهظة وآخر تقليدى مع الغالبية التي تدفع مصاريف بتكلفة بسيطة هو أمر مرفوض وغير مقبول في مجال الطب تحديدا، والذى يتطلب تخرج طبيب يفهم أصول مهنته ووفقا للمعايير العالمية بغض النظر عن مستواه المادى، وكذلك يجب أن يأخذ الطالب المصرى المتفوق حقه في الالتحاق بالطب قبل غيره من الدول الأخرى من الذين يدفعون بالعملة الصعبة والحاصلين على مجموع درجات متدنية بالثانوية العامة.. ناهيك عن تكلفة البحث العلمى والدراسات العليا التي تتطلب مشاركة من رجال الأعمال والبنوك نظير فائدة بسيطة، فما رأيكم؟.
3) إلى السيد وزير التموين:
يتساءل المواطنون في كل مكان عن غياب دور الدولة في كبح جماح الغلاء الفاحش الذي فاق كل الحدود والذى أدى إلى حالة من الغضب والقلق برغم نشر العديد من مراكز الشراء بأسعار معقولة والتى لا يمكنها تغطية كل المحافظات، والسؤال هنا: لماذا لا نكرر ما فعلته دولة الإمارات بالتسعير الجبرى للسلع الأساسية؟ ولماذا لا نعيد الأسواق الأسبوعية في كل المحافظات بإشراف المحافظ المسؤول بأسعار مناسبة وتحديد نسبة ربح معقولة؟ ولماذا لا نعلن عن أسماء أغنياء الحرب ومافيا الاستيراد ومن يتكسبون على حساب المواطن البسيط بلا رحمة؟ هل من تفسير؟.
4) إلى السيد وزير الاتصالات:
من المؤكد أنك تعلم أن الشكوى عامة من عدم جودة شبكات كل شركات الاتصال بدرجات مختلفة في كل أنحاء البلاد في الوقت الذي نشاهد فيه إعلانات دعائية تتكلف الملايين من جيوب المواطنين للدعاية لهذه الشركات فمن المسؤول عن هذا العبث؟ وأين دور الدولة؟.
5) إلى السيد وزير الشباب:
هناك إسراف غير مفهوم وغير مبرر بالملايين من الدولارات في استقدام مدربين وحكام ومشرفين على التحكيم، وكذا شراء لاعبين في الوقت الذي تعانى فيه مصر من أزمنة خانقة تستلزم ترشيدا حقيقيا وإعادة ترتيب الأولويات، فما دور الوزارة؟ وفى نفس الوقت فإن مصر غنية بالخبرات الفنية وبالبراعم الموهوبة مثل محمد صلاح في كل المحافظات، فماذا فعلت الوزارة؟ وأين الاهتمام بالرياضة في المدارس والجامعات؟ ومتى يتم تغيير سياسة الإعلام الرياضى والتى تعتمد على شخصيات رياضية لا تنتمى للإعلام بصلة مما أدى إلى زيادة التعصب وبث الكراهية في مجال من المفترض أنه يزيد من جرعة الثقافة الرياضية والأخلاق الرياضية التي أهملت بشدة في الفترة الأخيرة؟.
6) إلى السيد وزير الصحة:
ناديت أكثر من مرة بإعادة النظر في خرافة العلاج على نفقة الدولة والتى تكلف الدولة المليارات نتيجة ازدواج الإنفاق على نفس الهدف وهو علاج المريض في المستشفيات الحكومية والجامعية، وكان من الممكن أن نخصص هذه المبالغ في إصلاح حال هذه المستشفيات باختيار شخصيات تليق بهذه المستشفيات من دارسى إدارة المستشفيات من ذوى الخبرة والأمانة والالتزام، وليس كما يحدث منذ سنوات من تفضيل الأصدقاء والمعارف.. وبهذه المناسبة أتساءل عن المؤهلات التي تؤهل لأى منصب بالوزارة، ومن هنا أطالب كل وزير بأن يعرض كل اختياراته القيادية على مجلس النواب أولا للتأكد من صلاحية المرشح وهو المرض الذي تعانى منه مصر منذ سنوات وحان الوقت كى يتوقف.. ومن ناحية أخرى أين نشاط اللجان القومية الطبية في كافة التخصصات والتى من المفترض أنها المسؤولة علميا عن هذا التخصص والتى توقفت أو أهملت عمدا منذ فترة د. أحمد عماد الدين ود. هالة زايد؟!.
7) إلى السيد وزير الإسكان والمرافق:
ما يحدث من تدهور متزايد في الكثير من المدن الجديدة لا يجب أن يستمر فتلك المدن هي واحدة من المنجزات المعجزة وشديدة الأهمية التي تمت برعاية الرئيس السيسى لتوسيع الرقعة العمرانية، وقد تحدثت مؤخرا عما يحدث في القاهرة الجديدة من فوضى مرورية وانعدام أماكن عبور الشوارع الكبيرة وسيطرة مافيا الميكروباصات وغيرها، ووصل الأمر مؤخرا بالكثير من ساكنى التجمع الخامس إلى تكليف شركة تأمين خاصة وشركة أمن خاصة كى تتحكم فيمن يدخل ويخرج ووضع أقماع ملونة وحواجز تشبه تلك الخاصة بوزارة الداخلية، وبذلك تتحول المنطقة إلى ما يشبه الكومباوند!، وقد أرسلت شكواى إلى رئيس جهاز المدينة الذي استنكر ما يحدث، لكنه لم يُحرك ساكنا، كما أرسلت إلى السيد وزير الإسكان، فلم أتلق ردا.. فما معنى ذلك؟، وكيف نترك المواطنين يعانون من المشاكل الحياتية بلا استجابة، فيحدث هذا الخرق الفاضح للقانون ولا يتحرك المسؤول.. وكما ناديت سابقا يجب على كل مسؤول يجد نفسه غير قادر على احترام شكوى المواطنين ويجبرهم على خرق القانون أن يتنحى عن منصبه، فمصر الجديدة في حاجة إلى مسؤولين يعملون من أجل راحة المواطن واحترام سيادة القانون.
نقلا عن المصرى اليوم