محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في الفاتيكان المشاركين في أعمال الجمعية العامة لهيئة كاريتاس الدولية ووجه لهم خطاباً سلط فيه الضوء على أهمية العودة دائما إلى الينبوع الذي هو محبة الله مؤكدا أن هوية كاريتاس تعتمد على الرسالة التي أُسندت إليها.
توقف البابا في مستهل كلمته عند رغبة السعيد الذكر البابا بيوس الثاني عشر في أعقاب الحرب العالمية الثانية في التعبير عن اهتمام الكنيسة بالعائلة البشرية وبتعزيز التنمية البشرية المتكاملة، وقد حركه روح نبوي، فشاء أن تبصر النور مؤسسة تقوم بتنسيق نشاطات الجمعيات الخيرية الكاثوليكية التي كانت الكنيسة تشهد من خلال عملها على محبة الله واهتمام المسيح بالفقراء والمهمشين.
ولفت فرنسيس إلى أن الرب موجود في صلب كل نشاط خيري واجتماعي نقوم به لأن المسيح أحب خاصته في هذا العالم وأحبهم حتى النهاية. كما أن الرب يأتي لملاقاة الإنسان المخلوق على صورته ومثاله، ويرافقه في مسيرته. وأضاف فرنسيس أننا نستطيع أن نعبر عن امتناننا لله من خلال توجيه الأنظار نحو الأخوة المتألمين والمحتاجين إلى الرعاية والمساعدة كي يستعيدوا كرامتهم كأبناء تم افتداؤهم بدم المسيح الثمين. وبغية التجاوب مع محبة المسيح، نجعل من أنفسنا هبة للآخرين، ونعلم موت الرب وقيامته حتى مجيئه.
بعدها سلط البابا الضوء على أهمية العودة إلى الينبوع، أي إلى محبة الله تجاهنا، لأن هوية كاريتاس الدولية تعتمد مباشرة على الرسالة التي أوكلت إليها. وتميزها دعوتها الكنسية إذ إنها مدعوة إلى مساعدة الأساقفة في نشاطهم الرعوي وممارستهم المحبة الرعوية في إطار الشراكة مع الكرسي الرسولي وبانسجام مع تعاليم الكنيسة. وشكر البابا في هذا السياق ضيوفه على الخدمة التي يقومون بها ضمن التعاون الأخوي، وحثهم على متابعة السير في هذا الاتجاه.
هذا ثم توقف البابا عند الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "فرح الحب"، موضحا أن الفصل الرابع، ومع أنه يتناول الحياة العائلية والزوجية، يتضمن نقاطاً يمكن أن توجه نشاط هيئة كاريتاس في المستقبل، وأن تعطي دفعاً متجدداً لرسالتها. وأكد أنه بدون الإقرار بالإيمان بالله الآب، الذي هو مصدر كل خير، وبدون اختبار الصداقة مع المسيح، الذي أظهر للعالم وجه محبة الثالوث، وبدون قيادة الروح القدس، الذي يوجه تاريخ البشرية نحو ملء الحياة، لا تبقى سوى المظاهر ويصبح من السهل أن نفقد هدف الخدمة التي دُعينا من أجلها: أي حمل فرح الإنجيل والوحدة والعدالة والسلام.
وشدد البابا على أنه عندما نقبل محبة الله، ونتعرف على حقيقتنا كأفراد وككنيسة، ونفهم معنى وجودنا، ندرك أهمية حياتنا وحياة الآخرين. فالمحبة تساعدنا على فتح الأعين، وتساعدنا على أن نرى في الغريب أخاً لنا. وعيش المحبة يعني صنع الخير، والانفتاح على الآخر، وهذا يتحقق عندما ننفتح على الحوار والإصغاء، ونقبل الآراء المختلفة ونبحث عن نقاط للتلاقي. فالمؤمن المسيحي لا يبحث عن مصلحته الخاصة، بل يلتزم في تعزيز خير الآخرين وينسى الشرور التي تعرض لها، ويوكل كل شيء بثقة إلى الله.
في ختام كلمته إلى المشاركين في الجمعية العامة لهيئة كاريتاس الدولية ذكّر البابا الحاضرين بأن واجبهم يتمثل في التعاون مع الكنيسة الجامعة وإعلان الإنجيل من خلال الأفعال الصالحة. ولا بد أن يُظهروا أن الإنجيل يتجاوب مع تطلعات الإنسان العميقة ومع كرامته. كما أنهم مدعوون أيضا إلى مرافقة الكنائس المحلية في التزامها في مجال المحبة الرعوية وتنشئة أشخاص من ذوي الكفاءات قادرين على حمل رسالة الكنيسة داخل الحياة السياسية والاجتماعية. وشدد أيضا على ضرورة الحفاظ على الوحدة وعيش الاختلاف كغنىً، والتعددية كمورد. هذا ثم منح البابا الجميع بركاته الرسولية.