عبد اللطيف المناوي
فى وقت يموج فيه العالم كله بتغيرات كبيرة، نزاعات تحدث هنا وهناك، وأزمات اقتصادية ودبلوماسية طاحنة تضرب بلا هوادة، توترات فى بحار ومحيطات، والمضائق تضيق على الجميع وتشعل الخلاف بين الجميع، وسط كل هذا نشر الموقع الأمريكى «المونيتور» خبرًا قال إنه حصرى أفاد بأن مجلس الأمن الدولى دعا الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان البابا فرانسيس إلى إلقاء خطاب فى جلسة يونيو المقبل للتأكيد على أهمية قيم الأخوة الإنسانية فى تعزيز السلام والحفاظ عليه.
وإذا ما تأكد الخبر، ويبدو أنه بات مؤكدًا، فإنه سيكون حلقة جديدة من حلقات ما يجمع الإمام والبابا فى مسألة تعزيز الأخوة الإنسانية، وتأكيد جديد ومتجدد على أن المؤسسة الأزهرية المصرية وشيخها الطيب أحد عناصر القوة الناعمة المهمة للدولة، والتى تسهم بقدر كبير فى إظهار مصر كبلد حضارته راسخة، ضرب سكانه الأصليون والمتجددون نماذج مشرفة للإنسانية فى جميع المجالات.
الأزهر الذى يتواجد فى كل بلدان الدنيا بممثلين عنه أو حتى باعتباره مرادفًا للإسلام السمح الصحيح قوة لا يمكن الاستغناء عنها أو الاستهانة بها، بل المطلوب تعزيز صورته أكثر وأكثر، واستغلال الحدث- الذى لم تصدر المشيخة حتى كتابة هذه السطور بيانًا يؤكده فى أى وسيلة إعلامية- فى كافة المجالات، والاقتصاد ليس بعيدًا عنه.
أظن أيضًا أن الطبيعة السمحة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أحد عناصر قوة المؤسسة أمام العالم، وفى كل ظهور للرجل فى الأحداث والمؤتمرات الدولية يطالب فضيلته بضرورة إقرار مبادئ الإسلام السمحة ونشر قيم التسامح عبر التعاون بين الناس، مؤكدًا أن آيات القرآن الكريم وأحاديث السُّنة تحض على نبذ العنف والكراهية، تفعيلًا لمبادئ وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التى وقعها فضيلته مع بابا الفاتيكان فى الإمارات منذ سنوات.
أقول ذلك والكنيسة المصرية ليست بعيدة عن الكلام، ولاسيما أن البابا تاوضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، التقى بالفعل فى الأيام الماضية مع البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، خلال اجتماع وفدَى الكنيستَيْن القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، ضمن برنامج الزيارة التى يقوم بها قداسته للفاتيكان للاحتفال بالذكرى الخمسين للقاء التاريخى بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث.
إن الكنيسة المصرية والبابا تاوضروس الثانى يضربان أيضًا مثالًا حيًّا على قوة المؤسسة الدينية المسيحية أمام العالم، ويؤكدان أن تلاحم النسيج الاجتماعى فى مصر، ووحدته وتجانسه الشديدين تعزز من الصورة المتسامحة الحضارية لمصر.
لقاءات كهذه لها مفعول السحر ليس فقط على المتدينين فى العالم، بل على كافة العالمين، ليتها تتكرر كثيرًا، فإنه أمر يدعو للفخر أننا ننتمى لبلد الأزهر والكنيسة الشرقية، ويعيش بيننا رجال بهذا القدر من التسامح والحب.
نقلا عن المصري اليوم