هاني لبيب
منذ دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى 26 أبريل 2022 إلى تكليف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع جميع التيارات السياسية والحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسى من أجل المستقبل، تم عقد العديد من اللقاءات وجلسات النقاش حتى تبلور شكل الحوار الوطنى، والذى تضمن هيكله لجنة الثقافة والهوية الوطنية، والتى تعمل من خلال ثلاثة محاور أساسية هى: المؤسسات والسياسات الثقافية، والصناعات الثقافية، والهوية الوطنية.
تؤمن النخبة المثقفة المصرية بأن ملف الثقافة هو ضمن أهم أولويات العمل الوطنى، خاصة بعد كل التحديات التنافسية التى تواجه حال الثقافة المصرية فى الحاضر والمستقبل من خلال محاولات بعض الدول الصديقة سحب الريادة الفكرية من مصر؛ بمنطق شراء الثقافة واستيرادها بشكلها النهائى دون عناء الإعداد لها وبنائها من خلال خبرات السنوات الطويلة.
إذا كان الحاضر يمثل تحديات البقاء والاستمرار، ويمثل المستقبل رهانات حقيقية.. فإن الماضى يمثل ريادة وحضارة ليست مطروحة للتنافس من الأصل، مهما حاول البعض الانتساب إليها زورًا وبهتانًا بادعاء بنائها، أو بمحاولة قرصنتها لصالح «تخليق» تاريخ جديد مزيف.
ما سبق يجعلنى أعتقد أن هناك مجموعة من الملفات فائقة الأهمية.. يجب أن توضع على أجندة الحوار الوطنى حول «السياسات الثقافية المصرية».
أسأل بوضوح وبشكل مباشر تحت محتوى مفهوم «السياسات الثقافية المصرية»:
أولًا: ماذا قدمت وزارة الثقافة للمجتمع المصرى حاليًا من خدمات ثقافية لرفع الوعى والإبداع والفن للمواطنين المصريين، ليس فقط فى جميع محافظات مصر، ولكن فى المهجر أيضًا؟.. أو بحسن ظن: ماذا ستقدم خلال الفترة القادمة- وأقصد هنا الخدمات الثقافية الحقيقية وليست الاحتفالية.. لزوم ما لا يلزم؟!.
ثانيًا: هل ستظل وزارة الثقافة بهيئاتها المتعددة (الهيئة المصرية العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة..) ومجالسها المتخصصة (المجلس الأعلى للثقافة والمجلس القومى للترجمة...) معنية بتقديم خدماتها لنسبة لا تزيد على 20%، مع التفاؤل من النخبة دون الوصول للقطاع العريض من المستهدف الأصلى؟.
ثالثًا: ما السياسات الثقافية التى ستنتهجها مصر، ليس فقط حتى سنة 2030، ولكن حتى سنة 2050؟.. فمن المعروف والمعلوم أن الثقافة لا تحقق أثرا قريبا بقدر ما يمتد تأثيرها فى تشكيل الوعى والوجدان لسنوات طويلة.. كونها ليست مثل بعض الملفات على غرار الاقتصاد والمالية والصحة التى كثيرًا ما تحتاج قرارات فورية.
رابعًا: لماذا لا نبدأ التفكير فى «الاستثمار الثقافى» على مستوى: الفنون، والنشر الورقى والرقمى، والصناعات الثقافية (الفنية: المنحوتات والقطع الفنية.. والحرفية: الخزف والفخار..)، خاصة أننا نطرح هنا الثقافة بمفهومها الشامل للعناصر الثقافية المتميزة فى مجتمعنا، وليس فقط المفهوم المباشر جدًا المقتصر على الفنون والآداب والمرتبط بهما؟.
نقطة ومن أول السطر..
من المستحيل مناقشة السياسات الثقافية المصرية بشكل معزول ومجتزأ تحديدًا عن بعض المجالات: الإعلام، والتربية والتعليم، والشباب والرياضة.. كونهم المثلث الذى تتحقق فيه الثقافة وتتجلى.. فقضاياهم متداخلة ومتشابكة إلى حد التماس فى صناعة الفكر المصرى.
الثقافة.. نور، وهى الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والتعصب والتشدد.
الثقافة هى السبيل لتحقيق الدولة المدنية المصرية.
الثقافة هى الحل.
نقلا عن المصري اليوم