الأب رفيق جريش
الشكر واجب مسحوب بالفخر والشعور بالعزة لأجهزة الدولة المصرية التى برغم المعارك المفاجئة فى السودان ورغم الاستعدادات الضعيفة على الحدود المصرية- السودانية إلا أنها أنجزت عملا عظيما فى استقبال ستين ألفا ويزيد من الأخوة السودانيين النازحين إلى مصر والمصريين العاملين أو المقيمين فى السودان والطلبة وغيرهم الذين جاءوا إلى مصر هربا من المعارك الضارية فى الخرطوم خاصة والسودان عامة، ورغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة فى مصر إلا أن القيم المصرية لا ترد أبدا ضيفا حل عليها فى وقت ضيقة ولا ننعتهم باللاجئين أو النازحين، بل هم أخوة ضيوف علينا.
ومن أقدار مصر على مدى التاريخ أن تكون دائما البلد المضياف الذى يحتوى ويحمى كل لاجئ، أشهرهم الشعب العبرانى الذى مكث فى مصر 400 سنة والعائلة المقدسة التى هربت إلى مصر هربا من بطش هيرودس الذى كان يريد أن يقتل الطفل يسوع المسيح وفى العصر الحديث كثير من الجاليات وجدت فى مصر الحماية والعمل والسكن مثل الجالية اليهودية واليونانية والإيطالية والفرنسية وغيرها.
مصر تستقبل كل هؤلاء الضيوف: ستون ألفا من السودان ويزيد فى الوقت التى تدور مناقشة كبيرة بل معارك كلامية فى الدول الغربية لرفضها إيواء مئات فقط من المهاجرين واللاجئين من سوريا والبلاد الإفريقية، فما إن ترسو سفينة عليها مائتا لاجئ حتى تبدأ المعارك والاتهامات المتبادلة بين الدول الأوروبية فيما بينها تصل لحالة الخصام أحيانا لتحديد «كوتة» من هؤلاء تتوزع فى جميع أنحاء أوروبا، وهذه الدول الأوروبية هى سابقا من استغلت الدول الإفريقية ونهبت ثرواتها وهى السبب المباشر أن تلك الشعوب فقيرة ومريضة وجاهلة رغم أنها تحتوى على ثروات هائلة.
هذه الدول عينها ترفض أو تتهرب من مسؤوليتها وتقيم الدنيا ولا تقعدها بسبب المهاجرين إليها، علما بأن هذه الدول «تُعجَز» أى أن عدد السكان المتقدم فى السن أكثر بكثير من عدد الشباب، ما يجعل اليوم الحكومة الفرنسية تمد سن المعاش من 62 سنة إلى 64 سنة حتى تغطى مصاريف المسنين لديها، وهذه الدول عينها لا تكف عن إعطائنا وإعطاء الدول الإفريقية التى أفقرتها دروسا فى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعمل جاهدة لفرض قيم ليست قيمنا الشرقية ولا الإفريقية.
مرة أخرى نشكر أجهزة الدولة التى تساهم بكل جهد فى استقبال ضيوفنا الأعزاء، فى مقدمتها وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المختلفة والجيش، وكل مصرى يساهم فى التخفيف عن هؤلاء الضيوف، وبارك الله مصر وشعبها.
نقلا عن المصري اليوم